للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحثُ الثامن مذهبُه النَّحْويُّ واختياراتُه

يمكن القولُ بأنّ الجِبْليَّ كان - كغيره من العلماء المتأخِّرين، الذين كانوا ينتخِبون لأنفُسِهم من آراءِ البصْريِّين والكوفيِّين ما يرَوْنَه راجحًا، دون التقيُّد بمذهبٍ واحدٍ دائمًا، وربّما مَزَجوا بينَ المذهبَيْنِ.

وإن كان الجِبْلي يمزُج بين آراء البصريِّين والكوفيِّين، فإنه كان أكثرَ ميلًا إلى مذهب الكوفيِّين في اختياراته النَّحوية، كما كان أكثرَ ميلًا إلى استخدام مصطلحاتهم النَّحوية، وربما اختار رأيًا من آراء المتأخِّرين، وخاصةً طاهرَ بن أحمد بن بابَشاذ؛ نظرًا لتأثُّر اليمنيِّين بكتُب ابن بابَشاذ بصفةٍ خاصة (١).

واختياراتُ الجِبْلي في "البستان" كثيرةٌ جدًّا، ولكنَّني سأضرب. أمثلةً لاختياراته البَصْريّة والكوفية، سواءٌ أكانت هذه الاختيارات للمدرستَيْن: البصريّة والكوفيّة بصفة عامة، أو كانت لأفرادٍ من هاتَيْن المدرستَيْن:

فمن أمثلة ما اختار فيه مذهبَ البصريِّين:

١ - اختار مذهبَ البصريِّين في أنه لا يُعْطَفُ على الضمير المخفوض إلا بإعادة الخافض، ففي قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} (٢)، قال


(١) ينظر تأثر اليمنيين بكتب المصريين، وبخاصة كتب طاهر بن أحمد بن بابشاذ ١/ ٢٧ من هذه الدراسة.
(٢) الأحزاب ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>