للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء يسبِّح للَّه، ويكون هذا تَمامَ الكلام، وقد يكون متَّصلًا، ويكون قوله: {لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ} في موضع الحال، ومعناه: أنَّ سلطانه وأمره وقضاءه نافذٌ فيهما {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}؛ أي: ذُو قُدْرةٍ على ما يشاء، يخلق ما يشاء، ويحيي ويميت، ويُعِزُّ ويُذِلُّ، لا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ؛ لأنه ذو القدرة التامة (١).

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ} يعنِي: من آدَمَ وَحَوّاءَ، وكان بَدْءُ خَلْقِهِما من تراب، ويجوز إدغام القاف في الكاف فِي قوله: {خَلَقَكُمْ} (٢)، {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ} خبر "مِنْ"؛ أي: جاحِدٌ بأن اللَّه خَلَقَهُ {وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} خبر "مِنْ"؛ أي: مُصَدِّقٌ أنَّهُ خالِقُهُ وإلَهُهُ، لا إلَهَ لَهُ غَيْرُهُ {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢) أي: عالِمٌ بأعمالكم، لا يَخْفَى عليه شَيْءٌ من أعمالكم، فلا تُخالِفُوا أمْرَهُ ونَهْيَهُ، فَيَنْتَقِمَ منكم.

[فصل]

عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خَلَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ كافِرًا، وخَلَقَ يَحْيَى بن زَكَرِيّا فِي بَطْنِ أُمِّهِ مُؤْمِنًا" (٣).

قوله تعالى: {ذَلِكَ} يعني العذاب {بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ} يعني الأمم الخالية {رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا}؛ أي: آدَمِيٌّ مِثْلُنا يَهْدُونَنا؟، ولَمْ يقل: يَهْدِينا؛ لأن البشر، وإن كان لفظه واحدًا، فإنه في معنى الجمع، وهو اسم الجنس، وواحده إنسان لا واحد له من لفظه، وقد أجاز النحويون: رَأيْتُ


(١) من أول قوله: "ويكون هذا تمام الكلام"، قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٤٤١.
(٢) وذلك بالإدغام الكبير، ينظر: إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٤٤١، غيث النفع ص ٢٨٦.
(٣) رواه الطبرانِيُّ في المعجم الكبير ١٠/ ٢٢٤، والنقاشُ في شفاء الصدور ورقة ١٣٣/ ب، والثعلبيُّ في الكشف والبيان ٩/ ٣٢٦، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/ ١٩٣ كتاب القَدَرِ: باب ما يُكْتَبُ على العبد في بطن أمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>