للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ}؛ أي: من زيتِ شجرةٍ مباركة، فحَذَف المضاف، يَدُلُّكَ على ذلك قولُهُ: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ}.

وأراد بالشجرة المباركة: شجرةَ الزيتون، وهي كثيرةُ البركة، وفيها أنواع المنافع؛ لأنّ الزيتَ يُسْرَجُ منه، وهو إِدامٌ ودِهانٌ ودِباغ، ويُوقَدُ بِحَطَبِ الزَّيْتُونِ وثُفْلِهِ، ورَمادُهُ يُغْسَلُ بِهِ الإِبْرِيسَمُ، ولا يُحْتاجُ في استخراج دُهْنِهِ إلى عَصّارٍ (١).

فصلٌ

عن عُمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ائْتَدِموا بالزَّيت وادَّهِنُوا به، فإنه يَخرُج من شجرةٍ مباركة" (٢).

ثم فسَّرها فقال: {زَيْتُونَةٍ}، وخَصَّها من بين سائر الأشجار لأنّ دُهْنَها أَصْفَى وأَضْوَأُ، وقولُه: {لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ}؛ أي: لم تُصِبْها شمسُ الشرق ولا شمسُ الغرب، قال ثعلبٌ والمبرّد (٣): "معناه: لا شرقيّةٌ كُلُّها ولا غربيّةٌ كُلُّها، هي شرقيّةٌ غربيّةٌ، وهو أحسَنُ ما يكونُ من الشجر، تَطلُعُ عليها الشمسُ،


= وتوجيهها: السبعة ص ٤٥٥، ٤٥٦، إعراب القرآن للنحاس ٣/ ١٣٨، حجة القراءات ص ٥٠٠، معاني القراءات ٢/ ٢٠٨، ٢٠٩، إعراب القراءات السبع ٢/ ١٠٩، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١٣٨، تفسير القرطبي ١٢/ ٢٦٢، البحر المحيط ٦/ ٤١٩، ٤٢٠، الإتحاف ٢/ ٢٩٨.
(١) قاله السجاوندي في عين المعاني ٩٠/ أ، وثُفْلُ الشيءِ وثافِلُهُ: ما استقرَّ تحته من كَدَرِهِ ورَسَبَ.
(٢) رواه الدارمي في سننه ٢/ ١٠٢ كتاب الأطعمة: باب في فضل الزيت، ورواه الترمذي في سننه ٣/ ١٨٦، ١٨٧ أبواب الأطعمة: باب ما جاء في أكل الزيت، ورواه ابن ماجه في سننه ٢/ ١١٠٣ كتاب العقيقة/ باب الزيت.
(٣) قولهما حكاه عنهما أبو عمر الزاهد بنصه في ياقوتة الصراط ص ٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>