للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ}؛ أي: أخْرَجَهُم المشركون، نظيرها قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (١)، وقد ذُكِرَ.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ}؛ أي: تَوَطَّنُوا المدينةَ دارَ الإيمان والهجرة، تَبَوَّأها الأنصارُ قَبْلَ المهاجرين.

وتقدير الآية: والذين تَبَوَّءُوا الدّارَ من قبلهم والإيمانَ؛ لأن الأنصار لَمْ يؤمنوا قبل المهاجرين، وعطف الإيمان على الدار فِي الظاهر لا فِي المعنى؛ لأن الإيمان لَيْسَ بمَكانٍ يُتَبَوَّأُ، والتقدير: وَآثَرُوا الإيمانَ أو اعْتَقَدُوا الإيمانَ (٢) {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}؛ لأن الأنصار أحْسَنُوا إلِى المهاجرين، وأشْرَكُوهُمْ في أموالهم ومساكنهم {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً}؛ أي حَسَدًا وَحَزازةً وغَيْظًا {مِمَّا أُوتُوا} يعني: مِمّا أُعْطِيَ المهاجرون من الفَيْءِ دُونَهُمْ {وَيُؤْثِرُونَ} المهاجرين {عَلَى أَنْفُسِهِمْ} بأموالهم ومنازلهم {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} حاجةٌ وفَقْرٌ وفاقةٌ، وأصل الخَصاصةِ الخِلَلُ والفُرَجُ، ومنه: خَصاصُ الأصابِعِ، وهي الفُرَجُ التِي بينها (٣).

[فصل]

عن أبِي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: جاء رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد أصابه الجَهْدُ، فقال: يا رسول اللَّه: إنِّي جائع فَأطْعِمْنِي، فَبَعَثَ النبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلَى


(١) البقرة ٢٧٣، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.
(٢) قاله الواحدي والزمخشري، ينظر: الوسيط ٤/ ٢٧٣، الكشاف ٤/ ٨٣، وفيه أوجه أخرى تنظر فِي أمالِيِّ ابن الشجري ٣/ ٨٣، الفريد للهمداني ٤/ ٤٥٠، تفسير القرطبي ١٨/ ٢١، البحر المحيط ٨/ ٢٤٥، الدر المصون ٦/ ٢٩٥، ٢٩٦.
(٣) قاله السجستانِيُّ فِي غريب القرآن ص ١٥٧، وينظر: التهذيب ٦/ ٥٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>