للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى} يعني: قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم كانوا قبل موسى، {بَصَائِرَ لِلنَّاسِ} جمع: بصيرة، أي: لِيَتبَصَّرُوا بذلك الكتاب ويهتدوا به، وهو قوله: {وَهُدًى}؛ أي: من الضلالة لِمَنْ عَمِلَ به {وَرَحْمَةً} لِمَنْ آمَنَ به من العذاب {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٣) أي: لكي يتذكروا ما فيه من المواعظ والبصائر، فيؤمنوا بتوحيد اللَّه، و {بَصَائِرَ}: منصوبٌ على الحال، و {وَهُدًى وَرَحْمَةً}: عطفٌ عليه، ويجوز الرفع بمعنى: وهو هُدًى (١)، يعني: الكتاب، ورحمةٌ لمن آمن به من العذاب.

[فصل]

عن أبي سعيد الخُدري، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "ما أَهْلَكَ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- قومًا ولا أمةً ولا قرنًا ولا أهلَ قريةٍ بعذاب من السماء منذ أنزل اللَّه سبحانه التوراة، غيرَ أهل القرية الذين مُسِخُوا قِرَدةً، أَلم تَرَ أن اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- يقول: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى. . .} الآية" (٢).


= والوجه الثانِي الذي ذكره موافق لمذهب سيبور والمبرد، وهو العطف على الموضع، ينظر: الكتاب ١/ ٦٨، المقتضب ٤/ ١١٢، ١٥٤، وأما الوجه الثالث الذي ذكره المؤلف فهو قول المازنيِّ، وأجازه بشرط أن تكون "أل" في {الْمَقْبُوحِينَ} للتعريف، لا بمعنى "الذي"؛ لئلّا تتقدم الصلة على الموصول.
وفي الآية وجهٌ آخَرُ لم يذكره المؤلف، وهو: أن يكون "يوم" منصوبًا بمحذوف يفسره {الْمَقْبُوحِينَ}؛ أي: وقُبِحُوا يوم القيامة، ثم فسر بالمقبوحين، ينظر: البيان للأنباري ٢/ ٢٣٣، ٢٣٤، التبيان للعكبري ص ١٠٢١، الفريد للهمداني ٣/ ٧١٧ - ٧١٨، الدَّر المصون ٥/ ٣٤٥.
(١) قاله النَّحاس في إعراب القرآن ٣/ ٢٣٨، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ١٦٢.
(٢) رواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٤٠٨ كتاب التفسير: تفسير سورة القصص، وينظر: الكشف =

<<  <  ج: ص:  >  >>