للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ ابن عباس: {مِنْ خِلَالِهِ} (١)، {فَإِذَا أَصَابَ بِه} يعني: بالوَدْقِ {مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨)} يفرحون بِنُزُولِ المطر.

[فصل]

عن وهب بن مُنَبِّهٍ، أنه قال: "شَكَتِ الأرضُ إلى اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- أيام الطوفان؛ لأن اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- أرسل الماء بغير وزن ولا كَيْلٍ، فخرج الماءُ غَضَبًا للَّه -عَزَّ وَجَلَّ- فخَدَشَ الأرضَ وخَدَّدَها (٢)، فقالت: يا رب: إن الماء خَدَشَنِي وخَدَّدَنِي، فقال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- فيما بلغني، واللَّه أعلم-: "إنِّي سأجعل له غِرْبالًا لا يُخَدِّدُكِ ولا يَخْدِشُكِ"، فجعل السحاب غِرْبالًا للمطر" (٣).

قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ}؛ أي: وما كانوا من قبل {أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ} يعني: المطر {مِنْ قَبْلِهِ}؛ أي: من قبل أن يَزْرَعُوا {لَمُبْلِسِينَ (٤٩) أي: إِلّا مُبْلِسِينَ (٤)، يعني: آيِسِينَ قانطين من المطر.


(١) وهي أيضًا قراءة عَلِيِّ بن أَبي طالب والضحاكِ والحسنِ وأَبي العالية، ينظر: المحتسب ٢/ ١٦٤، تفسير القرطبي ١٤/ ٤٤.
(٢) خَدُّ السَّيْلُ الأرضَ وخَدُّدَها: شَقَّها بِجَرْيِهِ. اللسان: خدد.
(٣) هذا الخبر ذكره الثعلبي في الكشف والبيان ٧/ ٣٠٦.
(٤) هذا التأويل موافق لمذهب الكوفيين، فهم يجعلون "إن" المخففة من الثقيلة بمعنى "ما" النافية، واللام الفارقة بمعنى "إلا"، قال الفرَّاء: "وقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَمَّا عَلَيْهَا}. . . كأنه قال: ما كل نفس إلا عليها حافظ". معاني القرآن ٣/ ٢٥٤، وأما البصريون فاللام عندهم هي لام الابتداء، جِيءَ، بها للفرق بين "إن" النافية و"إن" المخففة من الثقيلة، وذهب الفارسي وابن جني وغيرهما إلى أن هذه اللام فارقة، ولكنها ليست لام الابتداء التي تدخل في خبر "إنَّ" المشددة، ينظر فِي هذه المسألة: المسائل المشكلة ص ١٧٦ - ١٧٨، شرح التسهيل لابن مالك ٢/ ٣٤، شرح الكافية للرضي ٤/ ٣٨٥، ارتشاف الضرب ص ١٢٧١، ١٢٧٢، مغني اللبيب ص ٣٠٥ - ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>