للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن سأل سائلٌ: ما معنى قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ}؟ فالجواب: أن الأول: للتَّنْزِيلِ، والثانِيَ: للمطر (١)، ويجوز أن يكون إنما كرر "قَبْلًا" مرتين للتوكيد، كقولك: من قبل ذلك، ومن قبل ذاك (٢)، وقيل (٣): الهاء راجعٌ إلى إرسال الريح؛ أي: أَبْلَسوا قبل الإرسال الذي يَدُلُّ على المطر، وقيل: هو توكيد كما ذكرنا، قال الشاعر:

١١٧ - إذا أنا لم أُومِنْ عليْكَ، ولم يكُنْ... لِقاؤُكَ إلّا مِنْ وراءُ وراءُ (٤)

وقيل (٥): الهاء راجِعٌ إلى الزرع كما ذُكِرَ في الأول.


(١) قاله قطرب، ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٨٩، معاني القرآن للنَّحاس ٥/ ٢٦٩، إعراب القرآن ٣/ ٢٧٧، والمعنى: من قبل التنزيل من قبل المطر.
(٢) قاله الأخفش في معاني القرآن ص ٤٣٨، وينظر: معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٨٩، إعراب القرآن ٣/ ٢٧٧.
(٣) حكاه السجاوندي عن عَلِيِّ بن عيسى في عين المعاني ورقة ١٠١/ أ، وينظر: البحر المحيط ٧/ ١٧٤، الدر المصون ٥/ ٣٨٢.
(٤) البيت من الطويل، لِعَتِيِّ بنِ مِالِكٍ العقيلي، ونُسب لِعَتِيِّ بن مزاحم العقيلي، ويُرْوَى: "مِنْ وَراءِ وَراءِ" بالكسر، ولكن البيت من قصيدة مرفوعة القوافي كما في اللسان، ولفظ "وَراءَ" معناه "خَلْفَ"، وقد يكون بمعنى "قُدّام"، فهو من الأضداد، وهو هنا مبني على الضم؛ لأنه قطع عن الإضافة.
التخريج: معاني القرآن للفرَّاء ٢/ ٣٢٠، الكامل للمبرد ١/ ٦١، الزاهر لابن الأنباري ٢/ ٣٤٩، شرح كتاب سيبويه للسيرافِيِّ ١/ ١٠٥، ١٣٣، الكشف والبيان ٧/ ٣٠٦، عين المعاني ورقة ١٠١/ أ، تفسير القرطبي ٢/ ٢٩، شرح المفصل ٤/ ٨٧، اللسان: بعد، وري، ارتشاف الضرب ص ١٨٢٢، التصريح ٢/ ٥٢، همع الهوامع ٢/ ١٤٤، خزانة الأدب ٦/ ٥٠٤، التاج: وري.
(٥) قال المنتجب الهمدانِيُّ: "وقيل: مِنْ قَبْلِ النبات، وإن لم يَجْرِ له ذِكْرٌ؛ لدلالة المعنى عليه". الفريد ٣/ ٧٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>