للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ} ولَمْ يقل: بِذُنُوبِهِمْ؛ لأنه مصدر يؤدي عن الجنس (١) {فَسُحْقًا} يعني: بُعْدًا {لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (١١)} من رحمة اللَّه، ومنه: مكانٌ سحِيقٌ: إذا كان بعيدًا.

قرأه العامة بالتخفيف، وثَقَّلَهُ أبو جعفر والكسائيُّ (٢)، وهما لغتان مثل: الرُّعْبِ والرُّعُبِ، والسُّحْتِ والسُّحُتِ، وهو منصوب على إضمار فعل؛ أي: ألْزَمَهُم اللَّهُ سُحْقًا (٣)، وقيل: هو مَصْدَرٌ جُعِلَ بدلًا من اللفظ بالفعل، وهو قول سيبويه (٤).

[فصل]

عن أبِي سعيد الخُدْرِيِّ -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ لِكُلِّ شيء دِعامةً، ودِعامةُ المؤمن عَقْلُهُ، فَبقَدْرِ ما يَعْقِلُ يَعْبُدُ رَبَّهُ، ولَعَمْرِي لقد نَدِمَ الفُجّارُ يوم القيامة فقالوا: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (٥).


(١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٤٦٩.
(٢) قرأ عَليُّ بن أبيِ طالب، رحمه اللَّه، وأبو جعفر والكسائي وابن وَرْدانَ وابن جمازٍ: "فَسُحُقًا"، ينظر: السبعةَ ص ٦٤٤، تفسير القرطبي ١٨/ ٢١٣، البحر المحيط ٨/ ٢٩٥، الإتحاف ٢/ ٥٥١.
(٣) أي: أنه مفعول به، وهذا قول مَكِّيِّ بن أبِي طالب في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٩٢، وينظر: البيان للأنباري ٢/ ٤٥١، الفريد للهمدانِي ٤/ ٤٩٧، الدر المصون ٦/ ٣٤٣.
(٤) قال سيبويه: "هذا باب ما يُنْصَبُ من المصادر على إضمار الفعل غير المستعمل إظهارُهُ، وذلك قولك: سَقْيًا وَرَعْيًا، ونحو قولك: خَيْبةً ودَفْرًا وجَدْعًا وعَقْرًا وبُؤْسًا، وأُفّةً وتُفّةً، وبُعْدًا وسُحْقًا. . .، وإنما ينتصب هذا وما أشبهه إذا ذُكِرَ مذكور، فَدَعَوْتَ له أو عليه، على إضمار الفعل كأنك قلتَ: سَقاكَ اللَّهُ سَقْيًا، ورَعاكَ رَعْيًا، وخَيَّبَكَ اللَّهُ خَيْبةً، فكل هذا وما أشباهه على هذا ينتصب". الكتاب ١/ ٣١١، ٣١٢.
(٥) ينظر: الوسيط للواحدي ٤/ ٣٢٧، ٣٢٨، تفسير القرطبي ١٨/ ٢١٢ - ٢١٣، فيض القدير ٥/ ٥٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>