للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

عن سَهْلِ بن سَعْدٍ السّاعِدِيِّ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-قال: "إنَّ فِي أصْلابِ أصْلابِ أصْلاب رِجالِ أُمَّتِي رِجالًا ونساء يَدْخُلُونَ الجَنّةَ بغَيْرِ حِسابٍ"، ثم تلا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (١)

{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} يعني الإسلام والهداية الى دِينِهِ {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤) أي: ذُو المَنِّ العظيم على خَلْقِهِ بِبَعْثِ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ثم ضَرَبَ اللَّه تعالى مَثَلًا لليهود الذين تركوا العمل بالتوراة، فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ}؛ أي: كُلِّفُوا القِيامَ بِها والعَمَلَ بما فيها {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} أي: لَمْ يُؤَدُّوا حَقَّها {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا (٥)} يعني كُتُبًا من العلم والحكمة، قال الفَرّاءُ (٢): هي الكُتُبُ العِظامُ، واحدها سِفْرٌ.

ونظيرها فِي الكلام: شبْرٌ وأشْبارٌ وجِلْدٌ وَأجْلَادٌ، فكما أن الحِمارَ يحملها وهو لا يَدْرِي ما فيها ولا يَنْتَفِعُ بها، كذلك اليهودُ يقرؤون التوراةَ، ولا ينتفعون بها؛ لأنهم خالَفُوا ما فيها (٣)، وأنشد أبو سعيد الضَّرِيرُ (٤) في المعنى:


(١) رواه ابن أبِي عاصم في كتاب السنة ص ١٣٤، والطبرانِيُّ في المعجم الكبير ٦/ ٢٠١، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ٣٠٦ - ٣٠٧، عين المعانِي ورقة ١٣٤/ أ، مجمع الزوائد ١٠/ ٤٠٨ كتاب أهل الجنة: باب فيمن يدخل الجنة بغير حساب.
(٢) معانِي القرآن ٣/ ١٥٥ باختلاف في ألفاظه.
(٣) قاله الثعلبي في الكشف والبيان ٩/ ٣٠٧.
(٤) هو أحمد بن خالد اللغوي، استقدمه ابن طاهر من بغداد إلى خُراسانَ، فأقام بِنَيْسابُورَ، وكان قد لَقِيَ أبا عمرو الشيبانِيَّ وابنَ الأعرابِيِّ وغيرهما، كان قَيِّمًا باللغة، وأملى كتاب المعانِي والنوادر، توفِّيَ بعد سنة (٢١٧ هـ). [معجم الأدباء ٣/ ١٥ - ٢٦، لسان الميزان ١/ ١٦٦، بغية الوعاة ١/ ٣٠٥، معجم المؤلفين ١/ ٢١٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>