للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {الَّذِي أَحَلَّنَا}؛ أي: أنْزَلَنا {دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ} يعني دار الخلود، ودار المُقامةِ والإقامةِ واحدٌ، والمُقامُ -بالضم-: المَجْلِسُ الذي يُؤْكَلُ ويُشْرَبُ فيه (١)، {لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ}؛ أي: لا يصيبنا فِي الجنة مشقّةٌ فِي أجسادنا {وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (٣٥) أي: كَلالٌ وإعْياءٌ وفتورٌ كما كان يصيبهم فِي الدنيا، قرأ العامة: "لُغُوبٌ" بضم اللام، وقرأ السُّلَمِيُّ بنصب اللام (٢)، وهو مصدرٌ أيضًا كالوَلُوغِ والقَبُولِ (٣).

فصْلٌ

عن ابن عُمَرَ رضي اللَّه عنه قال: سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَيْسَ عَلَى أهْلِ "لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ" وَحْشةٌ فِي قُبُورِهِمْ وَلا فِي مَحْشَرِهِمْ وَلا مَنْشَرِهِمْ، وَكَأنِّي بِأهْلِ "لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ" يَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ يَنْفُضُونَ التُّرابَ عَنْ رُؤوسِهِمْ، ويَقُولُونَ: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} (٤).


(١) قال الفراء: "وقوله: "دارَ المَقامةِ" هي الإقامة، والمَقامةُ: المَجْلِسُ الذي يُقامُ فيه، فالمَجْلِسُ مفتوح لا غير، كما قال الشاعر:
يَوْمانِ: يَوْمُ مَقاماتٍ وَأنْدِيةٍ... وَيَوْمُ سَيْر إلَى الأعْداءِ تَأْوِيبُ
معانِي القرآن ٢/ ٣٧٠، وينظر: إعراب القرآن ٣/ ٣٧٤.
(٢) قرأ عَلِيُّ بنُ أبِي طالب وابن جبير والسُّلَمِيُّ: "لَغُوبٌ"، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٢٤، المحتسب ٢/ ٢٠٠، البحر المحيط ٧/ ٣٠٠.
(٣) وقال الزجاج: "والضم أكثر". معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٢٧١، وقال النحاس: "واللُّغُوبُ: الإعْياءُ، واللَّغُوبُ بفتح اللام: ما يُلْغَبُ به". معاني القرآن ٥/ ٤٦٠، وينظر: إعراب القرآن ٣/ ٣٧٤، تهذيب اللغة ٨/ ١٣٨.
(٤) رواه ابن عدي في الكامل في الضعفاء ٤/ ٢٧١، والطبرانِي في المعجم الأوسط ٩/ ١٨١، =

<<  <  ج: ص:  >  >>