للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل (١): إنهم كانوا يُغْرَقُونَ من جانب، ويَحْتَرِقُونَ من جانب في الدنيا، وأنشد ابن الأنباري:

٤٠٠ - الخَلْقُ مُجْتَمِعٌ طَوْرًا وَمُفْتَرِقٌ... والحادِثاتُ فُنُونٌ ذاتُ أطْوارِ

لَا تَعْجَبَنَّ لأضْدادٍ وَإنْ جُمِعَتْ... فاللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الماءِ والنّارِ (٢)

[فصل]

رُوِيَ عن الحَسَنِ أنه قال: "لَمّا أغْرَقَ اللَّهُ قَوْمَ نوحٍ -عليه السلام- عَلَا الماءُ فوق كل شيء، قال: وامرأةٌ منهم معها صَبِيٌّ لَها، فلما غَشِيَها الماءُ صَعِدَت الجَبَلَ، فَصَعِدَ الماءُ إليها، فلما رَأتْ ذلك صَعِدَتْ على صَخْرةٍ فِي الجَبَلِ، فَغَشِيَها الماءُ هِيَ والصخرةَ، فلما غَشِيَها الماءُ رَفَعَتْ صَبِيَّها فوق رَأْسِها فَغَشِيَها، قال الحَسَنُ: فَلَوْ رَحِمَ اللَّهُ أحَدًا منهم لَرَحِمَ تلك المَرْأةَ (٣).

ومثل هذا الحديث رُوِيَ عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- (٤)، {فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (٢٥)} لَمْ يجدوا أحدًا يمنعهم من عذاب اللَّه {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦)} يعني: أحَدًا يَدُورُ فِي الأرض فيذهب


(١) قاله الضحاك، ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٤٧، الكشاف ٤/ ١٦٥، القرطبي ١٨/ ٣١١.
(٢) البيتان من البسيط، لَمْ أقف على قائلهما، ويروى الثانِي: "لأضْدادٍ إنِ اجْتَمَعَتْ".
التخريج: الكشف والبيان ١٠/ ٤٧، مجمع البيان ١٠/ ١٣٩، عين المعانِي ورقة ١٣٨/ أ، تفسير القرطبي ١٨/ ٣١١، اللباب في علوم الكتاب ١٩/ ٤٠٠، روح المعانِي ٢٩/ ٧٩.
(٣) رواه الحاكم عن السيدة عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المستدرك ٢/ ٣٤٢ كتاب التفسير: سورة هود، ٢/ ٥٤٧ كتاب تواريخ المتقدمين: باب ذِكْرِ نوحٍ عليه السلام، وينظر: جامع البيان ١٢/ ٤٦، شفاء الصدور ورقة ١٧٠/ أ.
(٤) ينظر: تفسير ابن كثير ٤/ ٤٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>