للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغير حساب (١)، {وَهُوَ الْقَوِيُّ} على ما أراد مِنْ رِزْقِ مَنْ يَرْزُقُهُ {الْعَزِيزُ (١٩)} الغالب فلا يُغالَبُ فيما أراد.

قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} شرط وجزاء، ومعنى الحَرْثِ في اللغة: الكَسْبُ، يقال: فُلَانٌ يَحْرُثُ لِعِيالِهِ وَيَحْتَرِثُ؛ أي: يَكْتَسِبُ (٢)، والمعنى: مَنْ كان مِنَ الأبرارِ يريد بِعَمَلِهِ الحَسَنِ ثَوابَ الآخرةِ، نَزِدْ له فِي حَرْثِهِ، أي: فِي عَمَلِهِ، وهو جواب الشرط {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا} يعني: ومن كان من الفُجّار يريد بِعَمَلِهِ الخَبِيثِ حَرْثَ الدنيا، يعني ثواب الدنيا {نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ} يعني: فِي الجنة {مِنْ نَصِيبٍ (٢٠)} يعني حَظًّا، لأنه عَمِلَ لدنياه لا لآخرته، نظيرها قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ}. . الآية (٣).

[فصل]

عن أبِي سفيان الشيبانِيِّ (٤) أن عُمَرَ بنَ الخَطّابِ رضي اللَّه عنه قال: "الأعمال على أربعة أوجه: عاملٌ صالح فِي سبيل اللَّه، يريد به دنيا، فليس له فِي الآخرة شيء، وذلك لأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقول: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا}. . الآية" (٥)، وعاملٌ للرياء، ليس له ثواب في


(١) ينظر في هذه الأقوال: الكشف والبيان ٨/ ٣٠٨ - ٣٠٩، الوسيط ٤/ ٤٨.
(٢) قاله الأزهري في التهذيب ٤/ ٤٧٧، ٤٧٨، وينظر: الوسيط ٤/ ٤٩.
(٣) الإسراء ١٨.
(٤) هو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عبد ربه، أبو سفيان الشيبانِيُّ، قاضي نيسابور، ذكره ابن حبان في الثقات، روى عنه ابن المبارك، وروى له ابن ماجه في التفسير. [التاريخ الكبير ٥/ ٣١٦، تهذيب الكمال ١٧/ ٢١٥ - ٢١٦].
(٥) هود ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>