للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجه الثانِي (١): أن يكون الألِفُ في "أمَنْ" ألِفَ الاستفهام، ومعنى الآية: أهذا كالذي جَعَلَ للَّهِ أنْدادًا، فاكتفى بما سبق إذْ كان معنى الكلام مفهومًا.

والقانت: المقيمُ على الطاعة، القائمُ بما يجب عليه من أمر اللَّه تعالى، وآناءُ الليل: ساعاتُهُ، وهو نصبٌ على الظرف، ونصب {سَاجِدًا} {وَقَائِمًا} على الحال، قيل: نزلت هذه الآية في أبِي بكرٍ الصديق -رضي اللَّه عنه-، وقيل: في عثمان -رضي اللَّه عنه-، وقيل: في عَمّارِ بنِ ياسِرٍ مَوْلَى أبِي حذيفةَ بنِ المغيرة بنِ عبد اللَّه المخزوميِّ (٢)؛ لأنه قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ} يعني عَمّارًا {وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} يعني أبا حذيفة، {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ} يَتَّعِظُ {أُولُو الْأَلْبَابِ (٩)} ذَوُو العقول.

فصْلٌ

عن وهبِ بنِ مُنَبِّهٍ قال: سمعتُ ابن عبّاسٍ يقولُ: "مَنْ أحَبَّ أن يُهَوِّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عليه الموقفَ يوم القيامة فَلْيَرَهُ اللَّهُ فِىِ سواد الليل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه" (٣).


(١) هذا الوجه قاله الفراء والأخفش والزجاج، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٢/ ٤١٧، معانِي وإعرابه ٤/ ٣٤٧، وقول الأخفش حكاه النحاس في معانِي القرآن للنحاس ٦/ ١٥٧، على أن الأخفش قد ضَعُّفَ قراءة التخفيف، قال النحاس: "قال الأخفش: قراءةُ مَنْ قَرَأ: "أمَنْ هُوَ" بالتخفيف ضعيفة في العربية؛ لأن ألف الاستفهام لا يُعْتَمَدُ على ما قبلها"، وينظر أيضًا: الحجة للفارسي ٣/ ٣٤٠، معانِي القراءات للأزهري ٢/ ٣٣٥، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٥٨، كشف المشكلات ٢/ ٢٧١.
(٢) القول الأول لابن عباس، والثانِي لابن عُمَرَ، والثالث لِمُقاتِلٍ، ينظر: الكشف والبيان ٨/ ٢٢٤، الوسيط ٣/ ٥٧٤، أسباب النزول للواحدي ص ٢٤٧، زاد المسير ٧/ ١٦٦ - ١٦٧، عين المعانِي ١١٤/ ب، لباب النقول ص ١٦٨.
(٣) ينظر: تفسير القرطبي ١٥/ ٢٣٩، تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان) ٥/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>