للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (١١) وقوله: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤)} يعني: بالتوحيد لا أشرك به شيئًا، ونصب {اللَّهَ} بـ {أَعْبُدُ}، و {مُخْلِصًا} على الحال، والدِّين نصب بوقوع الإخلاص عليه.

وقوله: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} أمْرُ تَوْبِيخٍ وتهديد، كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (١).

قوله تعالى {لَهُمْ} يعني: للكفار {مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ} أطباقٌ وسُرادِقاتٌ من النارِ ودُخانِها، وهي رفعٌ على خبر اللام الزائدة في قوله: {لَهُمْ}، {وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} فِراشٌ ومِهادٌ من نارٍ، وإنما سُمِّيَ الأسفلُ ظُلَلًا؛ لأنها ظُلَلٌ لِمَنْ تَحْتَهُمْ، نظيرها قوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} (٢)، قال ثعلب (٣): قلتُ لابن الأعرابيِّ: ظُلَلٌ مِنْ فوقهم، كيف تكون الظلل من تحتهم؟ قال: الظُّلَلُ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ لِمَنْ تَحْتَهُمْ من الطَّبَقِ الثانية، فهي لهم -يعني: لِمَنْ فَوْقَهُمْ- بِساطٌ، وهي لِمَنْ تَحْتَهُمْ ظُلَلٌ، وهكذا هَلُمَّ جَزا حتى يَنْتَهِيَ إلى القعر من النار، أجارنا اللَّه منها.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ}؛ أي: فَأدْخَلَهُ {يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} نصبٌ على الظرف؛ أي: عُيُونٌ تَنْبُعُ، جمع يَنْبُوعِ وهو يَفْعُولٌ (٤) من: نَبَعَ الماءُ يَنْبَعُ، والينابيع: الأمكنة التي يَنْبُعُ منها الماء.


(١) فصلت ٤٠.
(٢) الأعراف ٤١.
(٣) حكاه عنه أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٤٤٤ - ٤٤٥، والأزهري في تهذيب اللغة ١٤/ ٣٦٠.
(٤) في الأصل: "مفعول"، وهو خطأ. وينظر: مجاز القرآن ١/ ٣٩٠، معانِي القرآن للنحاس ٦/ ١٦٥، تهذيب اللغة ٣/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>