للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

رُوِيَ عن منصورِ بنِ عَمّارٍ (١) واعظِ أهْلِ العراق أنه قال: دخلتُ خَرِبةً، فرأيتُ شابًّا يصلي صلاة الخائفين، فقلتُ في نفسي: إن لهذا الفتى شأنًا، لعله وَلِيٌّ من أولياء اللَّه، فوقفتُ حتى فَرَغَ من صلاته، فلما سَلَّمْتُ عليه وَرَدَّ عَلَيَّ السلامَ قلتُ له: إن في جهنم وادِيًا يقال له: {لَظَى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (١٦) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعَى} (٢)، قال: فَشَهَقَ شَهْقةً، وخَرَّ مَغْشِيًّا عليه، فَلَمّا أفاقَ قال: زِدْنِي، فقلتُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٦)} (٣)، فَخَرَّ مَيْتًا، فلما كشفتُ ثيابه عن صَدْرِهِ رأيتُ على صدره مكتوبًا: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} (٤)، فلما كان الليل نِمْتُ فرأيتُهُ في المنام جالسًا على سرير وعلى رَأْسِهِ تاجٌ، فقلتُ له: ما فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟، فقال: آتانِي ثواب أهْلِ بَدْرٍ وزادَنِي، فقلتُ: لِمَ؟ قال: لأنهم قُتِلُوا بِسَيْفِ الكُفّارِ، وأنا قُتِلْتُ بسيف الجبار.


= التي في الفعل، وذلك قولهم في جَمَل: جِمالةٌ، وحَجَرٍ: حِجارةٌ، وذَكَرٍ: ذِكارةٌ، وذلك قليل، والقياس على ما ذكرنا". الكتاب ٣/ ٥٧٠ - ٥٧١.
(١) منصور بن عمار بن كثير السلمي الخراساني، أبو السَّرِيِّ البصري البليغ الصالح الرباني، لم يكن له نظير في الموعظة والتذكير، وعظ بالعراق والشام ومصر، تزاحم عليه الناس، وكان منكر الحديث، ليس بالقوي، توفِّي سنة (٢٠٠ هـ). [حلية الأولياء ٩/ ٣٢٥: ٣٣١، تاريخ بغداد ١٣/ ٧١: ٧٩، سير أعلام النبلاء ٩/ ٩٣ - ٩٨].
(٢) المعارج ١٥ - ١٨.
(٣) التحريم ٦.
(٤) الحاقة ٢١ - ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>