للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعناه: تقولون: إنا قد غَرمْنا الحَبَّ الذي بَذَرْناهُ، فذهب من غير عِوَضٍ، وذلك قوله: {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧) أي: ممنوعون مُحارَفُونَ، فالمَحْرُومُ ضِدُّ المَرْزُوقِ، والمعنى: إنا حُرِمْنا ما كُنّا نطلبه من الرَّيْعِ (١) والزَّرْعِ.

[فصل]

عن أنس بن مالك قال: مَرَّ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأرض الأنصار، فقال: "ما يَمْنَعُكُمْ من الحَرْثِ"؟ قالوا: الجُدُوبةُ، قال: "فلا تفعلوا، فإن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقول: أنا الزارع، إن شئتُ زَرَعْتُ بالماء، وإن شئت زَرَعْتُ بالرِّيحِ، وإن شِئْتُ زَرَعْتُ بالبَذْرِ"، ثم تَلَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} (٢).

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} يعني السحاب، واحدتها مُزْنةٌ، قال الشاعر:

٣٣٥ - فنَحْنُ كَماءِ المُزْنِ، ما فِي نِصابِنا... كَهامٌ، وَلا فِينا يُعَدُّ بَخِيلُ (٣)


(١) رَيْعُ البَذْرِ: فَضْلُ ما يَخْرُجُ من البَذْرِ على أصله، والرَّيْعُ فِي كل شيء: الزِّيادةُ والنَّماءُ.
(٢) ينظر: الكشف والبيان ٩/ ٢١٦، تفسير القرطبي ١٧/ ٢٢٠.
(٣) البيت من الطويل، للسَّمَوْألِ بن عادِياءَ يفخر بقومه.
اللغة: ماءُ المُزْنِ: المَطَرُ، يريد أن نَسَبَهُمْ صافٍ كَصَفاءِ ماءِ المَطَرِ، النِّصابُ: الأصْلُ والمَرجِعُ، الكَهامُ والكَهِيمُ: من يُبْطِئُ عن النُّصْرةِ والحَزبِ، والكَهامُ: الثقيل المُسِنُّ الذي لا غَناءَ عنده.
التخريج: ديوانه ص ٩١، أمالِيُّ القالِي ١/ ٢٧٠، العقد الفريد ١/ ٢٤٨، الكشف والبيان ٩/ ٢١٦، المحرر الوجيز ٥/ ٢٤٩، شرح الحماسة للتبريزي ١/ ٥٩، شرح الحماسة للمرزوقي ص ١٢٠، المستطرف ١/ ٢٠٣، تفسير القرطبي ١٧/ ٢٢٠، الحماسة البصرية ص ١٤٢، الدر المصون ٦/ ٢٦٤، المقاصد النحوية ١/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>