للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن يَزِيدَ بن عبد اللَّه بن أبِي التَّيّاج أنه قال: "مَنْ أرادَ أنْ يَعْرِفَ كَيْفَ وَصَفَ الجَبّارُ نَفْسَهُ فَلْيَقْرَأْ سِتَّ آياتٍ مِنْ أَوَّلِ الحَدِيدِ" (١).

[باب ما جاء فيها من الإعراب]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يعني كُلَّ شَيْءٍ مِنْ ذِي الرُّوح وغَيْرِهِ وكُلَّ خَلْقٍ فيهما، ولَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ، ومعنى قوله: {سَبَّحَ}؛ أي: عَظَّمَ ورَفَعَ، مشتق من السِّباحةِ وهي الارتفاع (٢)، {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١)} مبتدأ وخبر، والمعنى: وهو العزيز في انتقامه ممن عصاه، الحكيم في تدبير خلقه، الذي لا يدخل في تدبيره خَلَلٌ (٣) {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} لا يَمْلِكُهُما أحَدٌ غَيْرُهُ {يُحْيِي وَيُمِيتُ} يُحْيِي المَواتَ لِلْبَعْثِ، ويُمِيتُ الأحْياءَ فِي الدنيا، قال الزجاج (٤): ويجوز أن يكون المعنى: يُحْيِي النُّطْفةَ الَّتِي هي مَواتٌ، ويُمِيتُ الأحياءَ {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢) أي: قادر على ما يشاء من حياة وموت.

{هُوَ الْأَوَّلُ} قبل كل شيء بلا حَدٍّ ولا ابْتِداءٍ، كان هو ولا شَيءَ مَوْجُودٌ، فهو الأول بلا ابتداء {وَالْآخِرُ} بعد فناء كل شيء بلا انتهاء، يُفْنِي الأشْياءَ ويَبْقَى، آخِرٌ كما كان أوَّلًا {وَالظَّاهِرُ} الغالب العالِي على كل شيء، وكل


(١) رواه النقاش في شفاء الصدور ٩٩/ ب، وينظر: تاريخ دمشق ٦٥/ ٣١٥ عن يَزِيدَ بن عُبَيْدةَ ابن أبِي المُهاجِرِ.
(٢) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٣٤٩.
(٣) المصدر السابق.
(٤) معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>