للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ما جاء فيها من الإعراب]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)} في الآية تقديم وتأخير، مجازها: انْشَقَّ القَمَرُ واقْتَرَبَتِ السّاعةُ (١)، وإنما ذكر اقتراب الساعة مع انشقاق القمر؛ لأن انشقاقه من علامات نُبُوّةِ محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونُبُوَّتُهُ وزَمانُهُ من أشراط اقتراب الساعة، وذلك أن كفار مكة قالوا للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنْ كُنْتَ صادقًا فَشُقَّ لنا القَمَرَ فِرْقَتَيْنِ، فقال لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنْ فَعَلْتُ ذلك تُؤْمِنُونَ"؟ قالوا: نعم! وكانت ليلةَ بَدْرٍ، فسأل رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَبَّهُ أن يُعْطِيَهُ ما قالوا، فانْشَقَّ القَمَرُ فِرْقَتَيْنِ، ورسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُنادِي: "يا فُلَانُ! يا فُلَانُ! اشْهَدُوا"، قال ابن مسعود وحذيفةُ: لقد رأيناه حتى صار نصفه على جَبَلٍ، ونصفه على جَبَلٍ آخرَ، ثم الْتَأمَ بعد ذلك، وعاد كما كان، فلما رَأوْا ذلك أعْرَضُوا عن الإيمان (٢).

وذلك قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً} شرط، يعني انشقاق القمر {يُعْرِضُوا} جواب الشرط، يعني: عن التصديق والإيمان بها {وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}؛ أي: هذا سِحْرٌ قَوِيّ شَدِيدٌ، يَعْلُو كُل سِحْرٍ، مأخوذ من قولهم: اسْتَمَرَّ الشَّيءُ: إذا قَوِيَ


(١) هذا قول الفراء، ذكره عند إعرابه قوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} معانِي القرآن ٣/ ٩٦، وحكاه أبو عمر الزاهد عن ثعلب في ياقوتة الصراط ص ٤٩٣، وحكاه الثعلبي عن ابن كيسان في الكشف والبيان ٩/ ١٦٠، وينظر: زاد المسير ٨/ ٨٨، تفسير القرطبي ١٧/ ١٢٦ - ١٢٧.
(٢) حادثة انشقاق القمر رواها الإمام أحمد في المسند ١/ ٤٤٧، ٣/ ١٦٥، والبخاري في صحيحه ٦/ ٥٢ - ٥٣ كتاب تفسير القرآن: سورة {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}، والحاكم في المستدرك ٢/ ٤٧١ - ٤٧٢ كتاب التفسير: سورة القمر، وينظر: جامع البيان ٢٧/ ١١١، ١١٦، زاد المسير ٨/ ٨٧ - ٨٨، تفسير القرطبي ١٧/ ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>