للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَلَهُمْ فِيهَا} يعني: فِي الجنة {مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ} وهذا محذوف الجواب، قال الفراء (١): أراد: أمَنْ كان فِي هذا النعيم كَمَنْ هو خالد في النار؟ وقيل (٢): معناه: أفَمَنْ حالُهُ ذلك في هذا النعيم كمن هو خالد في النار فيها الحميم؟ ومَثَلُ أهل الجنة فِي النعيم المقيم كمثل أهل النار فِي العذاب الأليم؟! شَتّانَ ما بينهما {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا} شديد الحر {فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (١٥)}، والأمعاء جميع ما في البطن من الحَوايا، واحدها مِعًى.

[فصل]

عن أبِي أُمامةَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إذا شَرِبَ الكافرُ الماءَ الحميمَ قَطَّعَ أمْعاءَهُ حتى يخرج من دُبُرِهِ، يقول اللَّه تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} ".

ورُوِيَ عن محمد بن عبيد اللَّه الكاتب (٣) قال: قَدِمْتُ من مكة، فلما صرت إلى طِيْزَناباذَ ذكرتُ قول أبِي نواس:


(١) معانِي القرآن ٣/ ٦٠، وهذا عند الفراء، وأما عند سيبويه فالخبر محذوف، قال سيبويه: "قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}، ثم قال بَعْدُ: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ} فيها كذا وكذا، فإنما وُضِعَ المَثَلُ للحديث الذي بعده، فذكر أخبارًا وأحاديث، فكأنه قال: ومن القَصَصِ مَثَلُ الجَنّةِ، أو مِمّا يُقَصُّ عليكم مَثَلُ الجنة". الكتاب ١/ ١٤٣.
وقال مَكِّي بن أبِي طالب: "وقال يونس: معنى {مَثَلُ الْجَنَّةِ}: صفة الجنة، فـ {مَثَلُ} مبتدأ، و {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ} ابتداء وخبر في موضع خبر {مَثَلُ}. مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٠٧.
(٢) هذا قول ابن كيسان، ينظر: الكشف والبيان ٩/ ٣٣، عين المعانِي ١٢٣/ أ، القرطبي ١٦/ ٢٣٧.
(٣) محمد بن عبيد اللَّه بن محمد بن العلاء، أبو جعفر الأُطْرُوشُ، ثقة مأمون، سمع أحمد بن بديل اليامي وعَلِيَّ بن حرب الطائي، روى عنه القاضي أبو الحسن الجراحي والدارقطني، توفِّي سنة (٣٢٩ هـ). [تاريخ بغداد ٣/ ١٣٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>