للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

عن عُمَرَ رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ فاتَتْهُ صلاةُ العَصْرِ فَكَأنّما وُتِرَ أهْلَهُ وَمالَهُ" (١)؛ أيْ: نُقِصَ وَسُلِبَ، وَقِيلَ: قُطِعَ، وقال عليه السّلام: "مَنْ تَرَكَ صَلاةَ العَصْرِ حَبطَ عَمَلُهُ" (٢)، فالذي تفوته صلاة العصر لِما فاتَهُ من الأجر والثواب بِمَنْزِلةِ مَنْ أخذَ أهْلُهُ ومالُهُ وبَقِيَ منفردًا، وخُصَّتْ صلاةُ العصر بهذا فِي قول بعض العلماء لأنها الصلاة الوسطى، وقيل (٣): خُصَّتْ بهذا لأنها فِي وقت أشغالهم ومعايشهم، واللَّه أعلم.

ثم حَضَّ على طلب الآخرة فقال تعالى: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} باطل وغرور تَفْنَى وتزول عن قريب {وَإِنْ تُؤْمِنُوا} تصدقوا بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- {وَتَتَّقُوا} الفواحش والكبائر ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ {يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} يعني: جزاء أعمالكم في الآخرة {وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (٣٦)} كُلَّها فِي الصُّدَقةِ {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا}؛ أي: يُجْهِدْكُم بِمَسْألةِ جَمِيعِها، فَتَبْخَلُوا بها


= يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} يقول: لن يَنْقُصَكُمْ. . . قال أبو عبيد: وأحد القولين قريب من الآخر". غريب الحديث ١/ ٣٠٧، وقال النحاس: "والاشتقاق الآخر: أن يكون من الوِتْرِ وهو الفرد، كأنه بِمَنْزِلةِ مَنْ قد بَقِيَ منفردًا". إعراب القرآن ٤/ ١٩٢، ١٩٣، وينظر: الفريد للمنتجب الهمدانِي ٤/ ٣١٧.
(١) رواه الإمام أحمد في المسند ٢/ ١٤٥، والدارمي في سننه ١/ ٢٨٠ كتاب الصلاة: باب في الذي تفوته صلاة العصر، والنسائي في سننه ١/ ٢٣٨ كتاب الصلاة: باب صلاة العصر في السفر، والطبرانِيُّ في المعجم الأوسط ٨/ ٣٣١، والمعجم الكبير ١٢/ ٢١٥.
(٢) رواه الإمام أحمد عن بُرَيْدةَ الأسْلَمِيِّ في المسند ٥/ ٣٤٩، ٣٥٧، ٣٦٠، ٣٦١، والبخاري في صحيحه ١/ ١٣٨، ١٤٧ كتاب مواقيت الصلاة: باب من ترك العصر، وباب التبكير بالصلاة في يومٍ ذي غَيْمٍ.
(٣) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>