للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الصُّلْحُ بمعنى المسالمة وتَرْكِ الحَرْبِ، وقال يونس بن حبيب (١): السِّلْمُ -مكسورةً-: الإسلامُ، ومنه قوله تعالى: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (٢)، والصُّلْحُ سَلْمٌ وسَلَامٌ.

{وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}؛ أي: الغالبون {وَاللَّهُ مَعَكُمْ} بالعون والنصر يا معشر المؤمنين على عدوكم {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (٣٥) أي: لن يظلمكم، وقيل: لن يَنْقُصَكُمْ ثَوابَ أعمالكم، يقال: وَتَرَهُ يَتِرُهُ وَتْرًا ووِتْرًا وتِرةً: إذا نَقَصَهُ حَقَّهُ، ويقال: وَتَرْتُ الرَّجُلَ: إذا قَتَلْتَ له قتيلًا، أو أخَذْتَ له مالًا بغير حَقٍّ (٣).

والأصل فيه: يَوْتِرَكُمْ، فحُذِفَت الواو لأنها بين ياء وكسرة، وحُذِفَ حرف الجر ليتعدى الفعل إلى مفعولين، مثل قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} (٤)، والتقدير عند الأخفش: وَلَنْ يَتِرَكُمْ في أعْمالِكُمْ (٥)، وهو مشتق من الوَتْرِ، وهو الفرد (٦).


(١) ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة ٢٨/ ب.
(٢) البقرة ٢٠٨.
(٣) قاله الفراء في معانِي القرآن ٣/ ٦٤، وهذا هو القول الأول في اشتقاق الفعل "وَتَرَ"، وهو النَّقْصُ، وهو ما سيذكره المؤلف بعد قليل، قال أبو عبيد: "قال الكسائي: هو من الوَتْرِ، وذلك أن يَجْنِيَ الرَّجُلُ على الرَّجُلِ جِنايةً، يَقْتُلُ له قَتِيلًا، أو يَذْهَبُ بمالِهِ وأهْلِهِ، فيقال: قد وَتَرَ فُلَانٌ فُلانًا أهْلَهُ ومالَهُ". غريب الحديث ١/ ٣٠٧، وينظر أيضًا: إعراب القرآن ٤/ ١٩٢، غريب القرآن للسجستانِي ص ١٤٣، الفريد للهمداني ٤/ ٣١٧.
(٤) الأعراف ١٥٥.
(٥) قال الأخفش: "وقال: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} أي: في أعمالكم، كما تقول: دَخَلْتُ البيتَ، وأنت تريد: في البيت". معانِي القرآن ص ٤٨٠.
(٦) هذا هو القول الثانِي في اشتقاق الفعل "وَتَرَ"، فقد قال أبو عبيد بعد أن ذكر قول الكسائي: "وقال غيره: "وُتِرَ أهْلَهُ" يقول: نُقِصَ أهْلَهُ ومالَهُ وبَقِيَ فَرْدًا، وذهب إلى قوله: {وَلَنْ =

<<  <  ج: ص:  >  >>