للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)} قرأ العامة: "سَلامٌ" بالرفع على خَبَرِ صفةٍ محذوفةٍ، تقديره: لَهُمْ سَلامٌ (١)؛ أي: سَلامٌ عَلَيْهِمْ، وقرأ النَّخْعِيُّ بالنصب على القطع والمصدر، وكذا هو في قراءة ابن مسعودٍ وأُبَيٍّ: "سَلامًا" (٢) فيكون مصدرًا، وإن شئت فِي موضعٍ الحال (٣)، ونصب {قَوْلًا} على المصدر على معنى: لهم سلامٌ يقوله اللَّه قولًا يوم القيامة (٤).

فصْلٌ

عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَيْنا أهْلُ الجنة فِي نعيمهم إذْ سَطَعَ لهم نُورٌ، فرفعوا رؤوسهم فإذا الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ قد أشْرَفَ عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، فذلك قوله عزّ وجلّ: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}، فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شيءٍ من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم، ويَبْقَى نُورُهُ وبركاتُهُ عليهم في ديارهم" (٥).


(١) هذا على مذهب الكوفيين، وهو عند البصريين مبتدأ حذف خبره، قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ٦١٤، وفيه أوجه أخرى تنظر في معانِي القرآن للفراء ٢/ ٣٨٠، ٣٨١، وإعراب القرآن للنحاس ٣/ ٤٠٢، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٣١، الفريد للمنتجب الهمداني ٤/ ١١٦، الدر المصون ٥/ ٤٩٠.
(٢) وهي قراءة عيسى بن عمرو ابن أبِي إسحاق، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٢٦، المحتسب ٢/ ٢١٥، تفسير القرطبي ١٥/ ٤٥، البحر المحيط ٧/ ٣٢٧.
(٣) وإذا كان مَصْدَرًا فالمعنى: يُسَلِّمُ عليهم فِي الجنة سَلامًا، وأما على الحال فصاحب الحال هو الضمير المجرور في "لَهُمْ" أو "ما"، أو العائد المحذوف في "يَدَّعُونَ"، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص ٤٥٠، إعراب القرآن ٣/ ٤٠١، ٤٠٢، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٣١، الفريد للهمداني ٤/ ١١٦، الدر المصون ٥/ ٤٩٠.
(٤) قاله الزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٩٢، إعراب القرآن ٣/ ٤٠٢.
(٥) رواه ابن ماجه في سننه ١/ ٦٦ باب فيما أنكرت الجهميةُ، وابن عدي في الكامل في =

<<  <  ج: ص:  >  >>