للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩)} يقال: مِزْتُ الشَّيْءَ من الشيء: إذا عَزَلْتَهُ عنه ونَحَّيْتَهُ، فـ "امْتازُوا" المعنى: اعْتَزِلُوا اليوم، يعني: في الآخرة، من الصالحين (١)، وقيل (٢): معناه: كونوا على حِدةٍ، وانْفَرِدُوا عن المؤمنين.

وما بعد هذا ظاهرٌ في الإعراب إلى قوله تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} شرطٌ وجزاءٌ، قرأ الأعمش وعاصمٌ وحمزة: "نُنَكِّسْهُ" بضم النون وكسر الكاف مع التشديد، وقرأ الباقون بفتح النون وضم الكاف مع التخفيف (٣)، وهما لغتان يقال: نَكَسْتُهُ أنْكُسُهُ، ونَكَّسْتُهُ أُنَكِّسُهُ، والمعنى: نَرُدُّهُ بعد القوة إلى الضعف، وبعد الزيادة إلى النقصان، وبعد الجِدّةِ والطراوة إلى البِلَى والخُلُوقةِ، قال الزجّاج (٤): معناه: مَنْ أطَلْنا عُمُرَهُ نَكَّسْنا خَلْقَهُ، فصار بَدَل القُوّةِ الضَّعْفُ، وبَدَلَ الشباب الهَرَمُ.

{أَفَلَا يَعْقِلُونَ (٦٨)} قرأ نافعٌ وابنُ ذَكْوانَ (٥) بالتاء على خطاب الكفار، وقرأ الباقون بالياء (٦)، والمعنى: أفَلَيْسَ لهم عَقْلٌ فيعتبروا فيعلموا أن الذي قَدَرَ


= الضعفاء ٦/ ١٣ - ١٤، وقال ابن الجوزي: "هذا حديث موضوع". الموضوعات ٣/ ٢٦١، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/ ٩٨ كتاب التفسير: سورة يس.
(١) قاله مقاتل، ينظر: الوسيط ٣/ ٥١٧، عين المعانِي ورقة ١١١/ أ.
(٢) قاله السدي والزجاج، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٩٢، وينظر قول السدي في الكشف والبيان ٨/ ١٣٣، الوسيط ٣/ ٥١٧.
(٣) ورُوِيَ التخفيف عن عاصم أيضًا، ينظر: السبعة ص ٥٤٣، تفسير القرطبي ١٥/ ٥١، النشر ٢/ ٣٥٥، الإتحاف ٢/ ٤٠٤.
(٤) معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٩٣.
(٥) هو عبد اللَّه بن أحمد بن بشير بن ذكوان، أبو عمرو القرشي الفهري، من كبار القراء، ثقة صدوق، توفي بدمشق سنة (٢٤٢ هـ). [غاية النهاية ١/ ٤٠٤ - ٤٠٥، الأعلام ٤/ ٦٥].
(٦) قرأ بالتاء أيضًا: ابنُ عامر في روايةٍ عنه، وأبو عمرو في روايةِ عَبّاسِ بنِ الفضل عنه، وأبو =

<<  <  ج: ص:  >  >>