للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

قال ابن عباس (١): "خُلِقَ المَوْت على صُورةِ كَبْشٍ أمْلَحَ، لا يَمُرُّ بِشَيْءٍ، ولا يَجِدُ رِيحَهُ شَيْءٌ إلّا ماتَ، وَخُلِقَ الحَياة على صُورةِ فَرَسٍ بَلْقاءَ، وهي التي كان جبريل والأنبياء -عليهم السلام- يركبونها، خَطْوُها مَدُّ البَصَرِ، فَوْقَ الحِمارِ وَدُونَ البَغْلِ، لا تَمُرُّ بِشَيْءٍ، ولا تَطَأُ شيئًا، ولا يَجِدُ رِيحَها شَيْءٌ إلا حَيِيَ، وهي التي أخَذَ السّامِرِيُّ مِنْ أثَرِها، فَألْقاها على العِجْلِ".

وقوله: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} يتعلق بِخَلْقِ الحَياةِ؛ لأن الابتلاء بالحياة دون الممات، والمعنى: "أيُّكُمْ أحْسَنُ عَقْلًا، وَأوْرَعُ في الدنيا عن مَحارِمِ اللَّه، وَأسْرَعُكُمْ فِي طاعة اللَّه"، رَوَى ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).

قال النحاس (٣): و {أَيُّكُمْ} رفع على الابتداء وهو اسم تام، و {أَحْسَنُ} خبره. و {عَمَلًا} نصب على التفسير {وَهُوَ الْعَزِيزُ} في مُلْكِهِ ونِقْمَتِهِ مِمَّنْ عَصاهُ، فلا أعَزَّ منه {الْغَفُورُ (٢)} لذنوب عباده المؤمنين، والمغفرة: الستر والتجاوز عنهم، ثم أخبر عن صنيعه الذي يَدُلُّ على توحيده، فقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} طَبَقًا فوق طَبَقٍ، بعضها فوق بعض، بين كل سَماءَينِ مسيرة خمسمائة عام.


(١) ذكره الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٩٧، ١٩٨، وينظر: شفاء الصدور ورقة ١٤٧/ أ، الكشف والبيان ٩/ ٣٥٥، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٠٦، فتح الباري ١١/ ٣٦٢.
(٢) ينظر: جامع البيان ١٢/ ٩، شفاء الصدور ورقة ١٤٧/ أ، الكشف والبيان ٩/ ٣٥٥، الوسيط ٤/ ٣٢٦، تفسير القرطبي ٩/ ٩.
(٣) في الأصل: "الفراء"، وهو خطأ، فالقول للنحاس، وهذه العبارة بنصها في إعراب القرآن ٤/ ٤٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>