للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَمّا عُرِجَ بِي إلى السماء، قَرَّبَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، حتى كان بيني وبينه كَقابِ قَوْسَيْنِ أو أدْنَى، لا بَلْ أدْنَى، وعَلَّمَنِي السِّماتِ، ثم قال: يا حبيبي! يا محمد!: هل غَمَّكَ أن جَعَلْتُكَ آخِرَ النَّبِيِّينَ؟ قلتُ: لا يا رَبِّ، قال: أبْلِغْ أُمُّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ، وأخْبِرْهُمْ أنِّي جَعَلْتُهُمْ آخِرَ الأُمَمِ لأفْضَحَ الأُمَمَ عِنْدَهُمْ، ولا أفْضَحَهُمْ عند الأُمَمِ" (١).

وقوله: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠)} قال ابن عباس: أوْحَى جبريلُ عليه السّلام إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ما أوْحَى اللَّهُ إليه.

وما بعد هذا ظاهر الإعراب إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)} "نَزْلةً" مصدر في موضع الحال، كما تقول: جالَ فُلَانٌ مَشْيًا؛ أي: ماشِيًا (٢)، والتقدير: ولقد رآهُ نازِلًا نَزْلةً أُخْرَى؛ أي: في نُزُولِهِ، واختلفوا في المعنى، فقيل: رَأى محمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وقيل: رَأى جبريلَ عليه السّلام في صورته التي خُلِق عليها نازِلًا من السماء نَزْلةً أُخْرَى؛ أي: مَرّةً أُخْرَى {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤)} أغْصانُها اللُّؤْلُؤُ والياقُوتُ والزَّبَرْجَدُ، وهي شجرة عن يمين العرش، فوق السماء السابعة العليا، ينتهي إليها عِلْمُ الخلائق.


(١) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٥/ ٣٣٧، وينظر أيضًا: تاريخ دمشق ٣/ ٥١٦، الدر المنثور ٤/ ١٥٧ - ١٥٨، كنز العمال ١١/ ٤٤٩.
(٢) هذا قول النحاس ومَكِّيِّ بنِ أبِي طالب، وذهب الفراء إلى أنه مصدر في موضع الظرف، وأن معناه: مَرّةً أخرى، ووافقه الزمخشري في ذلك، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٩٦، إعراب القرآن ٤/ ٢٧٠، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٣١، الكشاف ٤/ ٢٩ وينظر أيضًا: البيان للأنباري ٢/ ٣٩٨، التبيان للعكبري ص ١١٨٧، الفريد للهمداني ٤/ ٣٨٠، البحر المحيط ٨/ ١٥٧، الدر المصون ٦/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>