للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عبد اللَّه بن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "يا ابن مسعود: جُلُوسُكَ فِي حَلْقةِ العالِمِ لا تَمَسُّ قَلَمًا، ولا تكتب حرفًا، خَيْرٌ لك مِنْ ألْفِ فَرَسٍ تُوَجِّهُهُ فِي سبيل اللَّه، وسَلَامُكَ عليه خَيْرٌ لك من ألْفِ فَرَسٍ تُوَجِّهُهُ فِي سبيل اللَّه، وسَلَامُكَ عليه خَيْرٌ لك مِنْ عِبادَتِكَ ألْفَ سَنةٍ" (١).

قوله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ} يعني: على المنافقين، وقيل: على القَدَرِيّةِ؛ أي: غَلَبَ واسْتَوْلَى، قال المبرد (٢): اسْتَحْوَذَ على الشيء: إذا حَواهُ وأحاطَ بِهِ، وجاء بالواو على أصله، ولَمْ يُعَلَّ، كما جاء: اسْتَرْوَحَ واسْتَصْوَبَ، والقياس: اسْتَحاذَ (٣)، ومعناه: اسْتَدارَ عليهم الشيطان، فأحاط بهم {فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ} يعني: جُنْدُهُ {أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٩)}.

[فصل]

عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يُنادِي مُنادٍ يَوْمَ القِيامةِ: أيْنَ خُصَماءُ اللَّهِ؟ فتقوم القَدَرِيّةُ مُسْوَدّةً وُجُوهُهُمْ، مُزْرَقّةً أعْيُنُهُمْ، مائِلًا شِقِّهُمُ، يَسِيلُ لُعابُهُمْ، فيقولون: واللَّهِ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِكَ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا،


(١) رَوَى ابنُ الجَوْزِيِّ حديثًا موضوعًا في هذا المعنى عن عمر بن الخطاب في كتاب الموضوعات ١/ ٢٢٣.
(٢) تكلم المبرد عن شذوذ "اسْتَحْوَذَ" ومجيئِهِ على الأصل في المقتضب ٢/ ٩٦، ولكنه لَمْ يتعرض لِمَعْناهُ، أما هذا النص الذي أورده المؤلف هنا للمبرد فقد حكاه عنه الواحدي فِي الوسيط ٤/ ٢٦٧.
(٣) هذا شاذٌّ في القياس، فَصِيحٌ في الاستعمال، ولَمْ يُعَلَّ لِيَدُلَّ على أصله كما قال العلماء، ينظر: الكتاب ٤/ ٣٥٠، معاني القرآن وإعرابه ٥/ ١٤٠، الأصول ١/ ٥٧، إعراب القرآن ١/ ٤٩٧، ٣/ ٤٧، ٤/ ٣٨١، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>