للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ما جاء فيها من الإعراب]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}؛ أي: تَعَظَّمَ وَتَمَجَّدَ وثَبَتَ ودامَ، وهو "تَفاعَلَ" من البَرَكةِ، وأصل البَرَكةَ النَّماءُ والزِّيادةُ، وقد مضى نظيره في سورة الفرقان (١).

وقوله: {الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} يعني: الذي له ملك الدنيا والآخرة {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) أي: قادر لا يمتنع عليه شيءٌ أرادَهُ، إنما يقول له: كُنْ فَيَكُونُ {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} يريد: خَلَقَ المَوْتَ في دارِ الدنيا؛ لأنها دار فناء، وخَلَقَ الحَياةَ في الآخرة؛ لأنها دار بقاء، وإنما قَدَّمَ الموت على الحياة لأنه الى الفَناءِ أقْرَبُ، كما قَدَّمَ البَناتِ على البَنِينَ فِي قوله: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} (٢).

وقيل (٣): قَدَّمَهُ لأنه أقْدَمُ، وذلك أن الأشياء فِي الابتداء كانت فِي حُكْمِ المَواتِ كالنُّطْفةِ والتراب ونحوهما، ثم اعترضت الحياةُ.

ومحل {الَّذِي} رفع على خبر ابتداء محذوف، تقديره: هو الذي، ويجوز أن يكون رفعًا على البدل من {الَّذِي} في قوله: {تَبَارَكَ الَّذِي}.


= ورقة ١٤٦/ ب، الكشف والبيان ٩/ ٣٥٤، مجمع البيان ١٠/ ٦٦، عين المعانِي ورقة ١٣٦/ أ، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٠٥، الدر المنثور ٦/ ٢٤٧.
(١) الفرقان ١، وانظر ما تقدم ١/ ٣٦٤.
(٢) الشورى ٤٩، وهذا الكلام قاله الثعلبي في الكشف والبيان ٩/ ٣٥٥، وينظر: عين المعانِي ورقة ١٣٥/ ب، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٠٦.
(٣) قاله قتادة، ينظر: الكشف والبيان ٩/ ٣٥٥، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>