للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} (١).

قوله تعالَى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ} يعني أبا جهل بن هشام {لَيَطْغَى (٦)} ويريد: في نِعَمِ اللَّهِ تعالَى عليه، فَيُبَدِّلُ نِعَمَ اللَّهِ كُفْرًا، والطغيان: مجاوزة المقدار، وقيل (٢): الطغيان هاهنا: التكذيب {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧)} يعني: أنْ رَأى نَفْسَهُ غَنِيًّا، قال الكَلْبِيُّ (٣): يرتفع من مَنْزِلةٍ إلَى مَنْزِلةٍ في اللباس والطعام وغيرهما، قيل (٤): وهذه الهاء في إضمار الإنسان المذكور عائدة على النفس.

[فصل]

كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ويقول: "أعُوذُ بِكَ مِنْ فَقْرٍ يُنْسِي، وَمِنْ غِنًى يُطْغِي" (٥)، وعن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه قال: "مَنْهُومانِ لَا يَشْبَعانِ: طالِبُ


(١) النساء ١١٣.
(٢) حكاه النقاش عن الحسين بن واقد في شفاء الصدور ورقة ٢٥١/ ب.
(٣) ينظر قوله في الكشف والبيان ١٠/ ٢٤٦.
(٤) قال الفراء: "وقوله تعالى: "أنْ رَآهُ اسْتَغْنَى"، وَلَمْ يَقُلْ: أنْ رَأى نَفْسَهُ، والعرب إذا أوْقَعَتْ فِعْلًا يكتفي باسمٍ واحدٍ على أنْفُسِها، أو أوْقَعَتْهُ من غيرها على نفسه جعلوا مَوْضِعَ المُكَنَّى نَفْسَهُ، فيقولون: قَتَلْتَ نَفْسَكَ، ولا يقولون: قَتَلْتَكَ، قَتَلْتُهُ، ويقولون: قَتَلَ نَفْسَهُ، وَقَتَلْتُ نَفْسِي، فإذا كان الفعل يريد اسْمًا وَخَبَرًا طَرَحُوا النَّفْسَ، فقالوا: مَتَى تَراكَ خارِجًا؟ وَمَتَى تَظُنُّكَ خارِجًا؟ وقوله تعالى: "أنْ رَآهُ اسْتَغْنَى" من ذلك". معانِي القرآن ٣/ ٢٧٨، وينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٥٣٣، إعراب القرآن للنحاس ٥/ ٢٦٢، إعراب ثلاثين سورة ص ١٣٧.
(٥) رواه أبو يعلى عن أنس في مسنده ٧/ ٣١٣، والطبراني عن ابن مسعود في المعجم الكبير ٩/ ٢٠٠، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠/ ١١٠، ١٤٤ كتاب الأذكار: باب الدعاء في الصلاة وبعدها، وباب ما يستعاذ منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>