للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجَزاءُ باسم الابتداء وإن لَمْ يكن سَيِّئةً؛ لتشابههما في الصورة (١).

و"مِثْلُها" رفعٌ نَعْتٌ لـ "سَيِّئةٌ"، وإن قلت: هو بدل من "سَيِّئةٌ" فهو أصْوَبُ؛ لأن النكرة لا تُنْعَتُ بالمعرفة.

ثم ذَكَّرَ بالعفو، فقال: {فَمَنْ عَفَا} يعني: عَمَّنْ ظَلَمَهُ {وَأَصْلَحَ} بالعفو بينه وبين ظالمه {فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} ضَمِنَ اللَّهُ له أجْرَهُ بالعفو عمن ظلمه.

[فصل]

عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كان يَوْمُ القيامة نادَى مُنادٍ: مَنْ كان له أجر على اللَّه فَلْيَقُمْ، فيقوم عُنُقٌ كثير"، قال: "فَيُقالُ لهم: ما أجْرُكُمْ على اللَّه؟ فيقولون: نحن الذين عفونا عَمَّنْ ظَلَمَنا، فَيُقالُ لهم: ادخلوا الجنة بإذن اللَّه" (٢)، فذلك قوله: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}.

{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠) يعني: الذين يَبْدَءُونَ بِالظُّلْمِ، ثم ذَكَرَ المُنْتَصِرَ، فقال تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ}؛ يعني: بعد ظُلْمِ الظّالِمِ إيّاهُ، ومحل "مَنْ" رفع بالابتداء، وأراد بذلك المَجْرُوحَ إذا اقْتَضَّ من الجارح، والمصدر هاهنا مضاف إلى المفعول، كقوله: {مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} (٣)، و {بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ} (٤)، {فَأُولَئِكَ}


(١) قاله النحاس في معانِي القرآن ٦/ ٣٢٢، وينظر: الكشف والبيان ٨/ ٣٢٣.
(٢) رواه العقيلي عن أنس في الضعفاء الكبير ٣/ ٤٤٧، ٤٤٨، وينظر أيضًا: الكشف والبيان ٨/ ٣٢٣، تفسير الثعالبي (الجواهر الحسان) ٥/ ١٦٦، الدر المنثور ٦/ ١١.
(٣) فصلت ٤٩.
(٤) ص ٢٤، قال ابن الشجري: " {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ}؛ أي: بعد أن ظُلِمَ". أمالِيُّ ابن الشجري ٣/ ٢٠١، وينظر أيضًا: الوسيط ٤/ ٥٨، الفريد ٤/ ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>