للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مخرج واحد، والدال أقوى من التاء، لأنها مجهورة والتاء مهموسة، فَرُدّا بلفظ الأقوى منهما، لأن ذلك تَقْوِية لِلْحَرْفِ، وَلَمْ يُرَدّا بلفظ التاء لأنه إضْعافٌ لِلْحَرْفِ؛ لأن رَدَّ الأقوى إلى الأضعف نَقْصٌ فِي الحَرْفِ، وكذلك أكثر الإدغام فِي الحرفين المختلفين أن يُرَدَّ الأضعفُ منهما إلى لَفْظِ الأقوى (١).

قرأ العامة: {الْمُدَّثِّرُ} بكسر الثاء؛ أي: المُتَلَفِّفُ بِثِيابِهِ، وقرأ عكرمة وغيره بفتح الثاء (٢)؛ أي: دُثِّرْتَ هذا الأمْرَ وَكُلِّفْتَهُ وَأُلْزِمْتَهُ، فَقُمْ بِهِ.

[فصل]

عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "فَتَرَ عَلَيَّ الوَحْيُ فَتْرةً، فَبَيْنا أنا أمْشِي إذْ سَمِعْتُ صَوْتًا من السماء، فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّماءِ فَإذا المَلَكُ الذي أتانِي بِحِراءَ قاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السماء والأرض، فَجُئِثْتُ (٣) منه فَرَقًا حَتَّى هَوَيْتُ إلَى الأرْضِ، فَجِئْتُ أهْلِي، فَقُلْتُ: دَثِّرُوني زَمِّلُونِي، فأنزل اللَّه تعالى: {الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ}. . الآيات" (٤).

وقوله: {قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) أي: أنْذِرْ الخَلْقَ، وَحَذِّرْهُمْ عَذابَ اللَّه، والنَّذارةُ: التَّخْوِيفُ والتَّحْذِيرُ.


(١) من أول قوله: "وأصله المتدثر" قاله مَكِّيٌّ بنصه في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٢٣.
(٢) قرأ عكرمة: "المُدَثَّرُ" بتخفيف الدال وفتح الثاء، وقرأ عكرمة أيضًا: "المُدَثِّرُ" بتخفيف الدال وكسر الثاء، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٦٤، المحتسب ٢/ ٣٣٥، تفسير القرطبي ١٩/ ٣٢.
(٣) جُئِثْتُ: ذُعِرْتُ وَفَزِعْتُ. اللسان: جأث.
(٤) رواه الإمام أحمد في المسند ٣/ ٣٠٦، ٣٢٥، ٣٧٧، ٣٩٢، والبخاري في صحيحه ١/ ٤، كتاب الإيمان: باب كيف كان بدء الوحي، ٦/ ٧٤، ٧٥، ٨٩ كتاب تفسير القرآن: سورة المدثر، وسورة "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ"، ورواه مسلم في صحيحه ١/ ٩٨، ٩٩ كتاب الإيمان: باب بدء الوحي إلى رسول اللَّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>