للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) أي: فَعَظِّمْ، فهو العَظِيمُ فلا أعْظَمَ منه، وهو نصب؛ لأنه مفعول مقدم على الفعل، وكذلك: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}، ودخلت الفاء على غير جواب الجزاء، المعنى: قُمْ فَأنْذِرْ، قُمْ فَكَبِّرْ (١)، {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)}، قال ثعلبٌ (٢): اختلف الناس في ذلك، فقالت طائفة: الثياب هاهنا القَلْبُ؛ أي: طَهِّرْ قَلْبَكَ، فَكَنَّى بالثياب عن القلب. قال عنترة:

٤١٩ - فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ ثِيابَهُ

أي: قَلْبَهُ، وتَمامُهُ:

لَيْسَ الكَرِيمُ عَلَى القَنا بِمُحَرَّمِ (٣)


(١) الظاهر من كلامه أنه يعني أن الفاء عاطفة، وذهب الزجاج إلى أنها داخلة على معنى جواب الجزاء، فقال: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}؛ أي: صِفْهُ بالتعظيم وأنه أكْبَرُ، ودخلت الفاء على معنى جواب الجزاء، المعنى: قُمْ فَأنْذِرْ؛ أي: قُمْ فَكَبِّرْ رَبَّكَ". معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٤٥، وذهب الأخفش والفارسي وابن جني وغيرهم إلى أنها زائدة، قال ابن جني: "أخبرنا أبو عَلِيٍّ أن أبا الحسن حَكَى عنهم: أخُوكَ فَوَجَدَ، يريد: أخُوكَ وَجَدَ، ومن ذلك قولهم: زَيْدًا فاضْرِبْ، وَعَمْرًا فاشْكُرْ، وبِمُحَمَّدٍ فامْرُرْ، إنما تقديره: زيدًا اضْرِبْ، وعَمْرًا اشْكُرْ، وبمُحَمَّدٍ امْرُرْ، وعلى هذا قوله، عز اسمه-: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}؛ أي: وَثيابَكَ طَهِّرْ، {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}؛ أي: والرُّجْزَ اهْجُرْ، {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}؛ أي: لِرَبِّكَ اصْبِرْ". سر صناعة الإعراب ١/ ٢٦٠. وهذه الحكاية التي أشار إليها ابن جِنِّي حكاها الأخفشُ في معانِي القرآن ص ١٢٤، ١٢٥، وأبو علي الفارسي في المسائل المشكلة ص ٣٠٩.
وقال ابن الشجري: "وأقول: إنها زائدة لا محالة في قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} لأنك إن لَمْ تحكم بزيادتها أدُّى ذلك إلَى دخول الواو العاطفة عليها وهي عاطفة". أمالِيُّ ابن الشجري ٣/ ٨٩، ٩٠، وينظر: شرح كافية ابن الحاجب للرضي ١/ ٤٠٥ - ٤٠٦، ٤٣٠.
(٢) ينظر قوله في ياقوتة الصراط ص ٥٤١، تهذيب اللغة ١٥/ ١٥٤ باختلاف في ألفاظه.
(٣) البيت من الكامل، لعنترة من معلقته، ورواية ديوانه:
كَمَّشْتُ بِالرُّمْحِ الأصَمِّ ثِيابَهُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>