للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ

رَوَى عامرٌ عن علقمةَ (١) عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: إنّ النُّطفةَ إذا استقرَّت في الرَّحِم أخَذَها مَلَكٌ بكفِّه، فقال: أيْ ربِّ: مُخَلَّقةٌ أو غيرُ مُخَلَّقةٍ؟ فإن قيل: غيرُ مخَلَّقة قَذَفَتْها الأرحامُ دَمًا ولم تكن نسمةً، وإن قيل: مُخَلَّقةٌ، قال: رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ ما الأَجَلُ؟ وما الأَثَرُ؟ وبِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ؟، فيقال: اذهَبْ إلى أُمِّ الكتابِ فإنك تجدُ فيها صفةَ هذه النطفةِ، فيَذْهَبُ فيجدُها في أُمِّ الكتاب، فتُخْلَقُ فتعيشُ في أَجَلِها، وتأكلُ رزقَها، وتَطَأُ أَثَرَها، حتى إذا جاء أجلها ماتت فدُفِنَتْ في المكان الذي كُتِبَ لها، ثم تلا عامر:

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ [إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ] فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ} (٢).

وقوله: {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} يعني: كمالَ قُدرتنا وحِكمتنا في تصريفِنا أطوارَ الخلق {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} رَوَى المفضَّلُ (٣) عن عاصم انه قَرأَ (٤):


(١) هو علقمة بن قيس بن عبد اللَّه بن مالك النخعي الهمداني، أبو شبل، تابعي كان يشبه ابن مسعود في هديه وسَمْتِهِ وفضله، كان فقيه العراق، ولد في حياة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وروى عن الصحابة، شهد صفين، وغزا خراسان، وأقام بالكوفة، وتوفِّي بها سنة (٦٢ هـ). [سير أعلام النبلاء ٤/ ٥٣: ٦١، الأعلام ٤/ ٢٤٨].
(٢) رواه الطبري في جامع البيان ١٧/ ١٥٤، وينظر: الكشف والبيان ٧/ ٨، الوسيط ٣/ ٢٥٩، تفسير القرطبي ٦/ ٣٨٧، ٣٨٨، فتح الباري ١/ ٣٥٥، ٤٢١، الدر المنثور ٤/ ٣٤٥.
(٣) المفضل بن محمد بن يعلى الضبي، أبو العباس، راوية عالِمٌ بالشعر والأدب، مقرئ ثقة، في أهل الكوفة، وهو صاحب عاصم وراويته، كان يكتب المصاحف ويقفها في المساجد، توفِّي سنة (١٦٨ هـ)، من كتبه: المفضليات، الأمثال، معاني الشعر. [إنباه الرواة ٣/ ٢٩٨ - ٣٠٥، بغية الوعاة ٢/ ٢٩٧، الأعلام ٧/ ٢٨٠].
(٤) وهي قراءة يعقوب أيضًا، ينظر: تفسير القرطبي ١٢/ ١١، البحر المحيط ٦/ ٣٢٧، قال =

<<  <  ج: ص:  >  >>