للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَيَهْدِيهِ}؛ أي: يصيِّرُه {إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (٤)} ومعنى قوله: {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ}؛ أي: فشأنه أنه يضلَّه، على جعل "مَنْ" للشرط، أو على جعله موصولًا، أو على أن الثانيَ تأكيدٌ (١)، أو على معنى: فشأنه أنه يضلَّه (٢)، والفاء كقولهم: زيدٌ فاعلَمْ في الدار، هكذا ذكره صاحبُ إنسانِ العَيْن (٣).

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ}؛ أي: في شكٍّ {مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} يعني: أباكم آدمَ الذي هو أصلُ النَّسل ووالد البشر {ثُمَّ} ذرِّيتَه {مِنْ نُطْفَةٍ} المَنِيُّ، وأصلها: الماءُ القليل، وجَمْعها: نِطافٌ {ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} وهي الدَّم الغليظُ الجامد، وجمعها: عَلَق. {ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ} وهي: لَحْمةٌ قليلة قَدْرَ ما يُمْضَغُ {مُخَلَّقَةٍ} قَدْ بَدا فِيها الخَلْقُ (٤) {وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} لم تُصَوَّرْ بَعْدُ (٥)، يعني: تامةً وغيرَ تامّة وأراد السِّقْطَ، ومخلَّقةٌ ومخلوقةٌ سواء، غير أن "مُخَلَّقة" فيها علامة التكثير، كما تقول: ضَرَب وضَرَّب: إذا كَثُرَ الفعلُ.


(١) هذه الأوجه الثلاثة في "مَنْ" قالها الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤١١، وقال النحاس: "مذهب سيبويه أن "أَنَّ" الثانية مكررة للتوكيد، وأن المعنى: كتب عليه أنه من تولاه يضله". إعراب القرآن ٣/ ٨٦، وينظر ردُّ الفارسي على الزجاج في إعرابه لهذه الآية في الأغفال ٢/ ٤٢٠ - ٤٢٥، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٩١، البحر المحيط ٦/ ٣٢٦.
(٢) في الأصل: "فلأنه يضله خبره".
(٣) كتاب إنسان العين لمحمد بن طيفور الغزنوي السَّجاوَنْدِيُّ، وهو اختصار لكتابه "عين المعاني في تفسير السبع المثاني"، وكتاب إنسان العين لم أعثر عليه فيما رجعت إليه من فهارس المخطوطات، ولذلك سأُخَرِّجُ أقوالَ السجاونديِّ من كتابه الأصلي "عين المعانِي"، قال السجاوندي: "وموضع {أَنَّهُ} مرفوع، و {فَأَنَّهُ} تأكيد له، فالفاء على مذهب الجزاء، تقديره: كتب عليه إظهار متوليه وهدايته". عين المعاني ورقة ٨٥/ أ.
(٤) قاله ثعلب، ينظر: ياقوتة الصراط ص ٣٦٧، وينظر: تفسير غريب القرآن للسجستاني ص ١٥٧.
(٥) قاله ابن الأعرابي. ينظر: ياقوتة الصراط ص ٣٦٨، التهذيب ٧/ ٢٨، اللسان: خلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>