للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوزُ أن يُعَلَّلَ بعلّتَيْنِ فصاعدًا، وذلك مثلَ أن يُدَلَّ على كونِ الفاعل ينزلُ منزلةَ الجزءِ من الفعل بعِلَل". اهـ، ثم ذكر الأنباري عَشْرَ عِلَلٍ في هذا الحكم (١)، ثم اعتَرض على الرأي المُجَوِّزِ لِتَعَدُّدِ العِلَلِ في الحكم الواحد (٢).

وكان السُّيوطيُّ أكثَرَ توضيحًا للمعنى، وكانت عبارته أخصرَ من عبارة الأنباري، حيث قال (٣): "العلة قد تكون بسيطةً، وهي: التي يقع التعليلُ بها من وجهٍ واحدٍ، كالتعليل بالاستثقال والجِوار والمشابَهة ونحو ذلك، وقد تكون مُرَكبةً من عدةِ أوصافٍ: اثنينِ فصاعدًا، كتعليل قلب "ميزان" بوقوع الواو ساكنةً بعد كسرة، فالعلّة ليس مجرَّدَ سكونِها، ولا وقوعِها بعد كسرة، بل مجموع الأمرَيْن، وذلك كثيرٌ جدًا".

وقد استعمل الجِبْلِيُّ عدةَ أنواع من العلّة البسيطة في كتابه، كما استعمل العلّةَ المركَّبة في بعض المواضع، فعَلَّلَ لبعض الأحكام بعلّتَيْن أو أكثر، وهذا يتضح فيما يلي:

أولًا- العِلَلُ البسيطة: من أصناف العِلَل البسيطة عند الجِبْلي:

١ - علّة السَّماع: والتعليلُ بالسَّماع حكاه الجِبْلي عن غيره من العلماء، فمن أمثلة التعليل بالسَّماع عنده:

أ- في قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (٤)، قال الجِبْلي (٥): "قال طاهرُ


(١) لُمَعُ الأدلة للأنباري ص ١١٧: ١٢٠، وقد أورد السيوطي عدة أمثلة على ذلك في الاقتراح ص ١٨٢، ١٨٣.
(٢) لمع الأدلة للأنباري ص ١٢٠، ١٢١.
(٣) الاقتراح للسيوطي ص ١٨٢.
(٤) الفرقان ٧٤.
(٥) البستان ١/ ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>