للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ

قال جماعةُ المفسِّرين: "لَمّا فَرَغَ إبراهيمُ -عليه السّلام- من بناء البيت جاءه جِبريل -عليه السّلام- فأمرَه أن يؤذِّن في الناس بالحج، فقال إبراهيم: يا ربِّ، وما يَبْلُغُ صوتي؟ فقال اللَّه تعالى: أَذِّنْ وعَلَيَّ البلاغُ، فَعَلَا على المقام، فأشرف به حتى صار كأطولِ الجبال، فأدخَل إصبعَيْه في أذُنَيْه، وأَقْبل بوجهه يمينًا وشمالًا وشرقًا وغربًا، فقال: يا أيُّها الناس، كُتِبَ عليكمُ الحجُّ إلى البيت العتيق فأَجِيبوا ربَّكم، فأجابَه مَن كان في أصلاب الرجال وأرحام النِّساء: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ" (١).

ورُوِيَ عن ابن عبّاس، أنه قال: "لما أَمَرَ اللَّهُ إبراهيمَ -عليه السّلام- أن يناديَ في الناس بالحجِّ صَعِد أبا قُبَيْسٍ، ووضَع إصبعَيْه في أذُنيه وقال: يا أيُّها الناس: أَجِيبوا ربَّكم، فأجابوا بالتلبية من أصلابِ الرجال وأرحام النِّساء، وأولُ من أجابه أهلُ اليمن، فليس أحدٌ يحُجُّ البيتَ إلى أن تقومَ الساعة إلّا من أجاب إبراهيمَ ذلك اليوم، فإنّ ذلك قوله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا}، فمن أتى الكعبة حاجًّا فكأنه أتى إبراهيم، لأنه مجيبٌ نداءَه (٢) ".

ورُوِيَ عن ابن عبّاس أنه قال لِبَنِيهِ: يا بَنِيَّ، حُجُّوا من مكةَ مُشاةً حتى ترجِعوا إليها، فإني سمعتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "للحاجِّ الراكبِ بكل خطوةٍ تخطوها


(١) رواه البيهقي بسنده عن ابن عباس في السنن الكبرى ٥/ ١٧٦ كتاب الحج/ باب دخول مكة بغير إرادة حج ولا عمرة، وينظر: الكشف والبيان ٧/ ١٨، الوسيط ٣/ ٢٦٦، زاد المسير ٥/ ٤٢٣، تفسير القرطبي ١٢/ ٣٨.
(٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى ٥/ ١٧٦ كتاب الحج/ باب دخول مكة بغير إرادة حج ولا عمرة، ورواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٣٨٨، ٣٨٩ كتاب التفسير/ تفسير سورة الحج، وينظر: الوسيط للواحدي ٣/ ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>