للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"ما" حرفٌ لَفْظُهُ لَفْظُ استفهامٍ، ومعناه التقريرُ، ومحله رفعٌ بالابتداء، و {يُكَذِّبُكَ} الخَبَرُ، ومعنى {فَمَا يُكَذِّبُكَ}؛ أي: ما الذي يَجْعَلُكَ تُكَذِّبُ بِالمُجازاةِ بَعْدَ هَذِهِ الحُجَجِ والبَراهِينِ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨) أي: بِأقْضَى القاضِينَ.

والألف في {أَلَيْسَ} ألف تقرير في لفظ الاستفهام، و"لَيْسَ" فِعْلٌ يحتاج إلَى اسم وخبر، فـ {اللَّهُ} -سبحانه- اسمُ "لَيْسَ"، و"أحْكَمُ" الخبر، و {الْحَاكِمِينَ} خفضٌ بالإضافة، وإنما انصرف أحْكَمُ وهو على وزن "أفْعَلَ" صفةً؛ لأنه أُضِيفَ، فَخَرَجَ عن شَبَهِ الأفْعالِ؛ لأنها لا تُضافُ، فانصرف إلَى الخفض (١).

[فصل]

عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: لَمّا نزلت سورة التين على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَرِحَ بِها فَرَحًا شديدًا، حتى تَبَيَّنَ لنا شِدّةُ فَرَحِهِ، فَسَألْنا ابنَ عباس -رضي اللَّه عنه- عن تفسيرها، فقال: "التِّين" بلاد الشام، {وَالزَّيْتُونِ} بلاد فِلَسْطِينَ، {وَطُورِ سِينِينَ} الذي كَلمَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- موسى عليه، {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} مَكّةَ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} عَبَدةُ اللاتِ والعُزى، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} أبو بكر وَعُمَرُ وَعُثْمانُ وَعَلِيٌّ -رضي اللَّه عنهم-، {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} بعد هذه الحُجَجِ والبَراهِينِ، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} إذْ بَعَثَكَ فيهم نَبِيًّا، وَجَمَعَكَ على التَّقْوَى يا محمدُ" (٢).


(١) ينظر: إعراب ثلاثين سورة ص ١٣٢.
(٢) هذا حديث موضوع ذكره الواحديُّ في الوسيط ٤/ ٥٢٦، وينظر: تاريخ بغداد ٢/ ٩٦، تاريخ دمشق ١/ ٢١٤، الموضوعات ١/ ٢٤٩، الدر المنثور ٦/ ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>