للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

عن ابن عُمَرَ -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "واللَّهِ لا يَخْرُجُ من النار مَنْ دَخَلَها حتى يَمْكُثَ فيها أحْقابًا، والحُقْبُ بِضْعٌ وثمانون سنةً، والسَّنة ثلاثمائة وستون يومًا، كل يوم كألف سنة مما تَعُدُّونَ، فلا يَتَّكِلْ أحَدٌ على أن يخرج من النار، فلو عَلِمَ أهْلُ النار أنَّهُمْ يَلْبَثُونَ في النار عَدَدَ حَصَى الدنيا لَفَرِحُوا، ولو عَلِمَ أهْلُ الجنة أنهم يَلْبَثُونَ في الجنة عَدَدَ حَصَى الدنيا لَحَزِنُوا" (١).

ثم قال تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا} يعني: في جهنم، وقيل: في تلك الأحقاب {بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤)} يعني رَوْحًا يَنْفَعُهُمْ مِنْ حَرِّها، ولا شَرابًا بارِدًا يَنْفَعُهُمْ مِنْ عَطَشِها، وقال ابن عباس (٢): يريد النَّوْمَ والماءَ، وكذلك قال ثَعْلَبٌ (٣): البَرْدُ هاهنا: النَّوْمُ، ومن أمثال العرب: مَنَعَ البَرْدُ البَرْدَ، يعني النَّوْمَ؛ أي: أصابني من البَرْدِ ما منعني من النوم، وإنما فُسِّرَ البَرْدُ بالنَّوْمِ لأن الإنسان إذا نامَ بَرَدَ فِي النَّوْمِ. قال الشاعر:

٤٦٠ - فَإِنْ شِئْتِ حَرَّمْتُ النِّساءَ سِواكُمُ... وَإِنْ شِئْتِ لَمْ أطْعَمْ نُقاخًا وَلا بَرْدا (٤)

يعني نومًا.


(١) ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ١١٦، الوسيط ٤/ ٤١٤.
(٢) ينظر قوله في الوسيط ٤/ ٤١٤، تفسير القرطبي ١٩/ ١٨٠، وقال نَشْوانُ الحِمْيَرِيُّ: "وعن ابن عباس: أيُّ بَرْدٍ شَرابٌ". شمس العلوم ١/ ٤٧٢.
(٣) قول ثعلب حكاه عنه ابن الأنباري في الأضداد ص ٦٤، والزاهر ١/ ١٩٧، وحكاه النقاش في شفاء الصدور ورقة ٢٠٢/ أ.
(٤) البيت من الطويل، لِلْعَرْجِيِّ، ورواية ديوانه: "أحْرَمْتُ النِّساءَ. . . "، ونُسِبَ لعُمَرَ بن أبِي رَبِيعةَ، ونُسِبَ للحارث بن خالد المخزومي.
اللغة: النُّقاخُ: الماء البارد العذب الصافِي الخالص. =

<<  <  ج: ص:  >  >>