للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ما جاء فيها من الإعراب]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)} {قُلْ} فِعْلُ أمْرٍ موقوفٌ (١)، أصله: تَقُولُ، فحُذفت التاء من أوله، وحُذفت الضمة من آخِرِهِ للأمر، وبقيت اللام ساكنةً، وقبلها الواو ساكنة، فالْتَقَى ساكنان: اللام والواو، فحُذفت الواو لالتقاء الساكنين، وكانت أحَقَّ بالحذف لأن قبلها ما يَدُلُّ عليها، وهي الضمة، فبقي {قُلْ}.

و"يا" حرف نداء يصلح للواحد والتثنية والجمع، و {الْكَافِرُونَ} نعت لـ "أيُّ"، لا يَجُوزُ حَذْفُهُ؛ لأنه هو المُنادَى في المعنى، ولا يَجُوزُ عند أكثر النحويين نَصبُهُ كما جاز: يا زَيْدُ الظَّرِيفَ بالنصب (٢).


(١) يعني أنه مَبْنِيٌّ، وهو مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن فعل الأمْرِ معرب، وأنه مَجْزُومٌ، وقد تقدم عرض هذا الخلاف في آخر سورة الطارق ٤/ ٣٨٥.
(٢) قاله مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٥٠٥، ٥٠٦، ومعنى هذا أن نصب الظَّرِيف في "يا زيدُ الظَّرِيفَ" جائزٌ، مراعاة لِمَحَلِّ المنادى "زَيْدُ"؛ لأنه مبني على الضم في مَحَلِّ نَصْبٍ، وأما "الكافِرُونَ" في "يا أيُّها الْكافِرُونَ" فهو نعت لـ "أيُّ" أو بدل أو عطف بيان، وهذا النعت واجبُ الرفعِ؛ لأنه هو المقصود بالنداء، قال سيبويه: "هذا بابٌ لا يكون الوصف المفرد فيه إلا رَفْعًا، ولا يقع في موقعه غَيْرُ المفرد، وذلك قولك: يا أيُّها الرُّجُلُ، ويا أيُّها الرَّجُلَانِ، ويا أيُّها المَرْأتانِ، فـ "أيُّ" هاهنا فيما زعم الخليلُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، كقولك: يا هَذا، والرَّجُلُ وَصْفٌ له، كما يكون وَصْفًا لـ "هَذا"، وإنما صار وَصْفُهُ لا يكون فيه إلا الرفعُ لأنك لا تستطيع أن تقول: يا أيُّ، ولا يا أيُّها، وَتَسْكُتَ؛ لأنه مبهم يلزمه التفسيرُ، فصار هو والرَّجُلُ بِمَنْزِلةِ اسمٍ واحدٍ، كأنك قلت: يا رَجُلُ". الكتاب ٢/ ١٨٨.
ولا يجوز عند أكثر النحويين نَصْبُ نَعْتِ "أيُّ" في النداء إلا عند المازِنيِّ والزَّجّاجِ، قال =

<<  <  ج: ص:  >  >>