للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢)} يعني: لا أعْبُدُ آلِهَتَكُم التي تعبدون اليوم {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣)} يعني الذي أعْبُدُهُ اليَوْمَ، و {مَا} في الأرْبَعةِ المَواضِعِ نصب بالفعل الذي قبل كل واحدة، وفي بمعنى "الذي"، والهاء محذوفة من الفعل الذي بعد كل واحدة؛ أي: تَعْيُدُونَهُ وَأعْبُدُهُ وَعَبَدْتُمُوهُ (١)، وقيل (٢): {مَا} والفعل مصدرٌ، فلا يحتاجُ على هذا إلَى تقديرِ حَذْفٍ.

قيل (٣): نزلت هذه الآيات إلَى آخِرِ السورة في رَهْطٍ من قريش، قالوا: يا محمد! هَلُمَّ فاتَّبِعْ دِينَنا، وَنتَّبِعْ دِينَكَ، وَنُشْوِكْكَ في إمْرِنا كُلِّهِ، تَعْبُدُ آلِهَتَنا سَنةً، وَنَعْبُدُ إلَهَكَ سَنةً، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَعاذَ اللَّهِ أنْ أُشْرِكَ بهِ غَيْرَهُ"، فأنزل اللَّه -تعالَى-: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} الآيات،


= الزَّجّاجُ: "والمازِنِيُّ يُجِيزُ في "يا أيُّها الرَّجُلُ" النصبَ فِي الرَّجُل، وَلَمْ يَقُلْ بِهَذا القول أحَدٌ من البصريين غَيْرُهُ، وهو قياسٌ لأن موضع المفرد المنادى نَصْبٌ، فَحُمِلَتْ صِفَتُهُ على موضعه، وهذا في غير "يا أيُّها الرَّجُلُ" جائز عند جميع النحويين، نحو قولك: يا زَيْدُ الظَّرِيفُ والظَّرِيفَ". معانِي القرآن وإعرابه ١/ ٩٨، وقال مثل ذلك في ١/ ٢٢٨ - ٢٢٩، وينظر أيضًا: المقتضب ٤/ ٢٦٦، ٢٦٧، الأصول ١/ ٣٣٧، إعراب القرآن للنحاس ١/ ١٩٧، الإغفال ٢/ ٥ وما بعدها، أسرار العربية ص ٢٢٨ وما بعدها، شرح الكافية للرضي ١/ ٣٤٠، ارتشاف الضرب ٥/ ٢١٩٤.
(١) قاله مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٥٠٦.
(٢) أي: لا أعْبُدُ عِبادَتَكُمْ، ولا تَعْبُدُونَ عِبادَتِي، وهذا القول ذكره مَكِّيٌّ بغير عزو في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٥٠٦، والزمخشري في الكشاف ٤/ ٢٩٣، وأجازه الأنْبارِيُّ في البيان ٢/ ٥٤٢، والعكبري في التبيان ص ١٣٠٧، والمنتجب الهمدانِيُّ في الفريد للهمداني ٤/ ٧٤١، وبه قال المرتضى في أماليه ١/ ١٢٢، وابن أبِي الربيع في البسيط ١/ ٢٨٧.
(٣) ينظر: جامع البيان ٣٠/ ٤٣٠، شفاء الصدور ورقة ٢٦٨/ أ، الكشف والبيان ١٠/ ٣١٥، أسباب النزول ص ٣٠٧، الوسيط ٤/ ٥٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>