للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} يعني: خِفْنَ من العذاب، {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} يعني: آدم، وقال ثعلب (١): يريد الناس، والألِف واللام للجنس إذْ لَمْ يسبق معهود، وقوله: {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا} لنفسه بخطيئته {جَهُولًا (٧٢)} بعاقبة ما يحمل من الطاعة على الثواب والعقاب.

فصْلٌ

رُويَ عن الحسن فِي هذه الآية قال: "عُرِضَت الأمانةُ على السماوات السَّبْعِ الطِّباقِ التي زُيِّنَتْ بالنجوم، وحَمَلةِ العرشِ العظيمِ، فقيل لهن: أتَأْخُذْنَ الأمانةَ بما فيها؟ فقُلْنَ: وما فيها؟ قيل: إنْ أحْسَنْتُنَّ جُزِيتُنَّ وإن أسَأْتُنَّ عُوقِبْتُنَّ، فقُلْنَ: لا، ثم عُرِضَتْ على الأرَضِينَ السَّبْعِ الَّلاتِي شُدَّتْ بالأوتاد، وذُلِّلَتْ بالمهاد، وأُسْكِنَتْ العبادَ، فقيل لهن: أتَأْخُذْنَ الأمانةَ بما فيها؟ قُلْنَ: وما فيها؟ قيل: إن أحْسَنْتُنَّ جُزِيتُنَّ، وإن أسَأْتُنَّ عُوقِبْتُنَّ، قُلْنَ: لا، ثم عُرِضَتْ على الجبال الصُّمِّ الشَّوامِخِ البَواذِخِ الصِّلابِ الصَّعابِ، فقيل لهن: أتَأْخُذْنَ الأمانةَ بما فيها؟ قلن: وما فيها؟ قيل: إن أحْسَنْتُنَّ جُزِيتُنَّ وإن أسَأْتُنَّ عُوقِبْتُنَّ، قُلْنَ: لا، فذلك قوله: "فَأبَيْنَ أنْ يَحْمِلْنَها وَأشْفَقْنَ مِنْها" (٢).

وقال ابن جريجٍ (٣): "قالت السماء: يا ربِّ! خَلَقْتَنِي، وجَعَلْتَنِي سقفًا محفوظًا، وأجْرَيْتَ فِيَّ الشمسَ والقمرَ والنجومَ، لا أتحمل فريضةً، ولا أبتغي


(١) ينظر قوله فِي زاد المسير ٦/ ٤٢٩.
(٢) ينظر: الوسيط ٣/ ٤٨٤، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٥٤، ٢٥٥، تفسير ابن كثير ٣/ ٥٣٠.
(٣) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أبو الوليد، رومي الأصل، تابعي أدرك صغار الصحابة، فقيه الحرم المكي وإمام الحجاز، أول من صنف في العلم بمكة، توفِّي سنة (١٥٠ هـ). [سير أعلام النبلاء ٦/ ٣٢٥، الأعلام ٤/ ١٦٠]، وينظر قوله فِي الوسيط ٣/ ٤٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>