للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِرَحْمةِ رَبِّها مُنْتَظِرةٌ، وقال الشاعر:

٤٣٥ - إنِّي إلَيْكِ لِما وَعَدْتِ لَناظِرٌ... نَظَرَ الفَقِيرِ إلَى الغَنِيِّ المُوسِرِ (١)

وقيل: معنى {نَاظِرَةٌ} في الآية من نَظَرِ العَيْنِ؛ أي: تَنْظُرُ إلَى ثواب اللَّه تعالى، تَلْتَذُّ بذلك، وقيل: ناظرة إلَى اللَّه مُشاهِدةٌ له. قال (٢): وذلك لا يَصِحُّ لأن النظر لا يقع إلا عن مقابلة إلَى عَيْنٍ، واللَّه تعالى مُتَعالٍ عن ذلك، ويقال: انْظُرْ إلَيَّ نَظَرَ اللَّهُ إلَيْكَ؛ أي: ارْحَمْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ، ومنه قوله تعالى: {وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} (٣)، ويقال: نَظَرَ الدَّهْرُ إلَى القَوْمِ: إذا هَلَكُوا، ويقولون: إذا نَظَرَ إلَيْكَ الجَبَلُ؛ أي: ظَهَرَ لَكَ".

هكذا ذَكَرَهُ (٤)، وهذا مخالف لِمَذْهَبِ أهْلِ السُّنّةِ والجماعة، وقوله: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}؛ أي: هَذِهِ ناظِرةٌ، يعني: تَنْظُرُ إلَى رَبِّها عِيانًا بلا حَدٍّ وَلَا كَيْفِيّةٍ وَلا مُلَامَسةٍ، كما نَطَقَ القُرْآنُ، وَتَواتَرَتْ به الأخْبارُ والآثارُ عن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله المصطفين الأخيار.

[فصل]

عن ابن عُمَرَ -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ أدْنَى أهْلِ الجَنّةِ مَنْزِلةً لَمَنْ يَنْظُرُ إلَى جِنانِهِ وَأزْواجِهِ وَسُرُرِهِ وَنَعِيمِهِ مَسِيرةَ ألْفِ عامٍ، وإنَّ


(١) البيت من الكامل، لجميل بثينة يعاتبها، ورواية ديوانه: "بما وَعَدْتِ. . . الغَنِيِّ المُكْثِرِ".
التخريج: ديوانه ص ٤٢٤، الأغانِي ٧/ ٨٣، معجم الأدباء ١٢/ ٥٨، تفسير القرطبي ١٩/ ١٠٩.
(٢) يعني صاحب ضياء الحلوم.
(٣) آل عمران ٧٧.
(٤) يعني صاحب ضياء الحلوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>