للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَاجِلَةَ (٢٠)} يعني: كفار مكة يحبون الدنيا {وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) أي: تختارون الحياة الدنيا على الآخرة، قرأ أهل المدينة والكوفة: {تُحِبُّونَ} و"تَذَرُونَ" بالتاء، وقرأ غيرهم بالياء (١)، نظيرها في سورة الإنسان: {إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا} (٢).

ثم قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ} يعني يوم القيامة {نَاضِرَةٌ} حَسَنةٌ مُضِيئةٌ مُسْفِرةٌ ناعِمةٌ غَضّةٌ، يقال: شجرة ناضرة ورَوْضٌ ناضِرٌ، ويقال: نَضَرَ وَجْهُهُ يَنْضُرُ، وَنَضِرَ يَنْضُرُ، وَنَضَرَهُ اللَّهُ وَأنْضَرَهُ، ويقال: نَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَ فُلَانٍ نَضْرةً وَنَضارةً (٣)، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقالَتِي فَوَعاها" (٤)، ونظير هذه الآية: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} (٥).

وقال صاحب ضياء الحلوم (٦) في قوله تعالى: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣) أي:


(١) قرأ بالياء أبو عمرو وابن كثير وابن عامر ومجاهد والحسن وقتادة والجحدري، ينظر: السبعة ص ٦٦١، البحر المحيط ٨/ ٣٨٠.
(٢) الإنسان ٢٧.
(٣) قال ابن السكيت: "أبو زيد: يُقال: نَضِرَ الشَّيءُ يَنْضَرُ، وَنَضَرَ يَنْضُرُ". إصلاح المنطق ص ٢١٣، وينظر: إعراب القرآن للنحاس ٥/ ٩٢، وقال الأزهريُّ: "ومعنى قوله، -صلى اللَّه عليه وسلم-، "نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا" أي: نَعَّمَ اللَّهُ عَبْدًا، والنَّضْرةُ: النِّعْمةُ". التهذيب ١٢/ ٩، وينظر: اللسان: نضر.
(٤) هذا جزء من حديث رُوِيَ عن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ وجابِرِ بن عبد اللَّه وَأبِي قِرْصافةَ، رواه الإمام أحمد فِي المسند ٤/ ٨٠، ٨٢، والدارمي في سننه ١/ ٧٥ باب الاقتداء بالعلماء، والطبرانِيُّ في المعجم الصغير ١/ ١٠٩، والمعجم الأوسط ٣/ ٢٥٦، ٥/ ٢٧٢، ٧/ ١١٠، والمعجم الكبير ٢/ ١٢٧، ١٧/ ٤٩، ورواه الحاكم فِي المستدرك ١/ ٨٧ كتاب العلم: باب نَضُّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقالَتِي فَوَعاها.
(٥) عبس ٣٨ - ٣٩.
(٦) ينظر: شَمْسُ العُلُومِ ١٠/ ٦٦٥٤ - ٦٦٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>