للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأهل الكوفة: "نَحِساتٍ" بكسر الحاء، وقرأ الباقون بجزمه (١)، فالإسكان كعَبْلةٍ وعَبْلاتٍ، أو جَمَعَ المصدرَ، والنَّحِسُ من بناء الصفات كالفَرِقِ، وإن استُعْمِلَ فَرِقَ، ولَمْ يُسْتَعْمَلْ نَحِسَ، فقد استعمل فِي ضِدِّهِ سَعِدَ، واستعمل فَقِيرٌ كطَرِيفٍ، وإن لَمْ يأت فَقُرَ، فالنَّحِساتُ: ذَواتُ نَحْسٍ، قال أبو الحسن (٢): لَمْ نسمع فِي النَّحْسِ إلا الإسكانَ. هذا ما ذكره صاحب إنسان العين (٣)، وقال الزجّاج (٤): من قرأ بكسر الحاء فواحدها: نَحِسٌ، ومن قرأ بالسكون فواحدها: نَحْسٌ.

فصْلٌ فِي معنى قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}

قال ابن عبّاسٍ رضي اللَّه عنه: "الأيامُ كُلُّها للَّهِ تعالى، ولكنَّ اللَّهَ جَعَلَ بعضَها سُعُودًا وبعضَها نُحُوسًا، كما أن الخَلْقَ كُلَّهُمْ عَبيدٌ، ولكنَّ اللَّهَ خَلَقَ بعضَهم للجنة، وبعضَهم للنار، وما مِنْ شَهْرٍ إلا وفيه سبعة أَيام نَحِسةٍ، فاليوم الثالث من الشهر نَحْسٌ، قَتَلَ فيه قابيلُ أخاه هابيلَ، فجعله اللَّه نَحْسًا على بني آدم، واليوم الخامس من كل شهرٍ نَحْسٌ؛ لأن اللَّه تعالى أخرج فيه آدمَ من الجنة، وفيه أرسل العذاب على قوم يونس، وفيه طُرِحَ يوسفُ فِي الجُبِّ، واليوم الثالث عشر من


(١) قرأ أبو عمرو وابنُ كثيرٍ ونافعٌ والنَّخْعِيُّ وعيسى بنُ عُمَرَ والأعرجُ ويعقوبُ بإسكان الحاء، ينظر: السبعة ص ٥٧٦، تفسير القرطبي ١٥/ ٣٤٨، البحر المحيط ٧/ ٤٧٠، النشر ٢/ ٣٦٦، الإتحاف ٢/ ٤٤٢.
(٢) يعني الأخفش، وينظر قوله في الحجة للفارسي ٣/ ٣٥٥، وأما في معانِي القرآن فقد قال: "وقال: "في أيّامٍ نَحْساتٍ"، وهي لغة من قال: نَحْسٌ، و"نَحِساتٍ" لغة من قال: نَحِسٌ". معانِي القرآن ص ٤٦٥.
(٣) لَمْ أقف على هذا القول فِي عين المعانِي، ولكن كلام السجاوندي هنا من أول قوله: "فالإسكان كعبلة وعبلات"، إنما هو اختصار لكلام أبِي عَلِيٍّ الفارسيِّ في الحجة ٣/ ٣٥٤ - ٣٥٥.
(٤) معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣٨٣ باختلاف في ألفاظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>