للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو موسى الأشعري (١): جنتان من ذهب للسابقين، وجنتان من فضة للتابعين.

[فصل]

عن أبِي الدَّرْداءِ قال: قرأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}، فقلتُ: يا رسول اللَّه: وَإنْ زَنَى وَإنْ سَرَقَ؟! قال: "وَإنْ زَنَى وَإنْ سَرَقَ، وإنْ رَغِمَ أنْفُ أبِي الدَّرْداءِ" (٢).

ثم وصفهما فقال تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (٤٨) أي: أغْصانٍ، وقيل: ألوان، وتثنية ذات: ذَواتا على الأصل، لأن أصل ذاتَ ذَوات، لكنْ حُذِفَت الواوُ تخفيفًا وللفرق بين الواحد والجمع، ودَلَّت التثنيةُ ورجوع الواو فيها على أصل الواحد (٣). وأفْنان جمع فنَنٍ على قول من جعل أفنانًا بمعنى أغصان، ومن جعل أفنانا بمعنى أجناس وأنواع يكون الواحد فَنًّا، وكان من حَقِّهِ أن يُجْمَعَ على فنونٍ (٤).


(١) ينظر: شفاء الصدور ورقة ٨٨/ ب.
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند ٢/ ٣٥٧، والنسائيُّ في السنن الكبرى ٦/ ٤٧٨ كتاب التفسير: سورة الرحمن، وينظر: الوسيط للواحدي ٤/ ٢٢٥.
(٣) من أول قوله: "وتثنية ذات ذوات" قاله مَكيٌّ في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٤٦، وهذا ما ذكره سيبويه من قبل، حين تحدث عن النسب إلى "ذُو"، فقال: "وأما الإضافة إلى رجل اسمه ذُو مالٍ فإنك تقول: ذَوَوِيٌّ، كأنك أضفتَ إلى ذَوًا، وكذلك فُعِلَ به حين أُفْرِدَ وجُعِلَ اسمًا رُدَّ إلى أصله؛ لأن أصله "فَعَلٌ"، يَدُلُّكَ على هذا قولُهُم: {ذَوَاتَا}. الكتاب ٣/ ٣٦٦، وحكى الأزهري عن الليث قال: "وتقول: هي ذاتُ مالٍ، وهما ذَواتا مالٍ، ويجوز في الشعر: ذاتا مالٍ، والتمام أحسن، قال اللَّه تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ}. التهذيب ١٥/ ٤١، ٤٢، وينظر: كتاب الشعر للفارسي ص ١٥٤، ١٦٥، المسائل الحلبيات ص ١٥٦، الصحاح ٦/ ٢٥٥١، شرح الكافية للرضي ٢/ ٣٠٦.
(٤) هذان الوزنانِ والمعنيانِ قالهما الزجاج والنحاس، ولكنهما استجادا الوجه الأول، وهو أن واحده فنَنٌ، قال الزجاج: "والأفنان جمع فَنِّ. . . والأفنان: الألوان، والأفنان: الأغصان، =

<<  <  ج: ص:  >  >>