للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ}؛ أي: لا يَكْسِرَنَّكُمْ، لفظه نَهْيٌ، وتأويله جزاء (١)، والحَطْمُ: الكَسْرُ، والحُطامُ: ما تَحَطَّمَ، وقوله: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٨)} يريد: بحَطْمِكُم ووَطْئِكُم.

قوله: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا} يعني: من قول النملة، والتبسم: أول الضحك، وهو الذي لا صوت له، قال الزَّجّاج (٢): أَكْثَرُ ضَحِكِ الأنبياء -عليهم السلام- التَّبَسُّمُ، و {ضَاحِكًا}: حال، ومعناه: متبسمًا.

[فصل]

رُوِيَ فِي بعض الأخبار، أن سليمان عليه السّلام لَمّا سَمِعَ النملةَ تقول: {يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}، نَزَلَ عندها وقال: ائتوني بها، فأَتَوْهُ بها فقال لها: لِمَ حَذَّرْتِ النملَ؟ هل سمعتم أني ظالِمٌ؟ أما علمتم أن نَبِيَّ اللَّه عَدْلٌ؟ فلمَ قلتِ: {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ}؟ فقالت: يا نبيَّ اللَّه: أما سمعتَ قولي: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}؟ مع أَنِّي لم أُرِدْ بقولِي حَطْمَ النفوس، وإنما أردت حَطْمَ القُلُوبِ، خشيتُ أن يَتَمَنَّيْنَ ما أُعْطِيتَ فيُفْتَنَّ ويُشْغَلنَ بالنظر إليك عن التسبيح، فقال لها: عِظِينِي، فقالت: هل علمتَ لِمَ سُمِّيَ أبوكَ داودَ؟ قال: لا، قالت: لأنَّهُ داوى جُرْحَهُ، وهل تدري لِمَ سُمِّيتَ سليمانَ؟ قال: لا، قالت: لأنك سليم ولسلامة قلبك، ثم قالت:


(١) هذا قول الفرَّاء في معاني القرآن ١/ ١٦٢، ٤٠٧، ٢/ ٣١٤، وقد رده الزَّجّاج بأن لفظ النهي لسليمان، ومعناه للنمل، ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٤١٠، وينظر كلام الفارسي في هذه المسألة في الإغفال ٢/ ٢٩٤ - ٣٠٠، وينظر أيضًا: التبيان للعكبري ص ١٠٠٦، الفريد للهمداني ٣/ ٦٧٧، ٦٧٨ البحر المحيط ٧/ ٦٠، الدر المصون ٥/ ٣٠٢ - ٣٠٣.
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>