للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

عن أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي اللَّه عنه- قال: لَمّا نزلت هذه الآيةُ: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ}، تَغَيَّرَ لَوْنُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَعُرِفَ في وَجْهِهِ حتى اشْتَدَّ على أصحابه ما رَأوْا مِنْ حالِهِ، فانطلق بعضهم إلَى عَلِيٍّ -رضي اللَّه عنه-، فقالوا: يا عَلِيُّ! لقد حَدَثَ أمْرٌ قد رَأيْناهُ مِنْ نَبِيِّ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجاء عَلِيٌّ، فاحْتَضَنَهُ من خَلْفِهِ، ثم قَبَّلَ بَيْنَ عاتِقَيْهِ، ثم قال: يا نَبِيَّ اللَّه! بِأبِي أنْتَ وَأُمِّي، ما الذي حَدَثَ اليومَ؟، قال: "جاءَنِي جِبْرِيلُ فَأقْرَأنِي: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ}، قلتُ: كَيْفَ يُجاءُ بِها؟ قال: يَجِيءُ بِها سبعون ألف مَلَكٍ يقودونها بسبعين ألف زمام، فَتَشْرَدُ شَرْدةً لو تُرِكَتْ لأحْرَقَتْ أهْلَ الجَمْعِ، ثم أتَعَرَّضُ لِجَهَنَّمَ، فتقول: ما لِي وَلَكَ يا محمدُ؟ قد حَرَّمَ اللَّهُ لَحْمَكَ عَلَيٍّ، فلا يبقى أحدٌ إلا قال: نَفْسِي نَفْسِي، وإن محمَّدًا يقول: رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي" (١).

قوله: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ} يعني أمية بن خلف الجُمَحِيَّ، إذا عايَنَ جَهَنَّمَ {وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣)} وَمِنْ أيْنَ له أن يُقْبَلَ منه الإيمانُ والتوبةُ في ذلك اليومِ؟ كما قال تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} (٢).

{يَقُولُ} هذا الكافر {يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (٢٤)} يعني: قَدَّمْتُ فِي الدنيا لِحَياتِي في الآخرة، قال اللَّه تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} (٣) يعني الحياة، وقيل: معناه: قَدَّمْتُ لِحَياتِي مِنَ النّارِ، فَأكُونَ مِنَ الأحْياءِ {فَيَوْمَئِذٍ


(١) ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٢٠١، الوسيط للواحدي ٤/ ٤٨٥، ٤٨٦، مجمع البيان ١٠/ ٣٥٤، عين المعانِي ورقة ١٤٥/ أ، تفسير القرطبي ٢٠/ ٥٥.
(٢) غافر ٨٥.
(٣) العنكبوت ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>