للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقاله من غيرِ شَكٍّ، وقد أيْقَنَ أنّ حُبَّهم رُشدٌ.

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ} يا محمَّدُ {إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ}؛ أي: عامّةً للناس كلهم: أحْمَرِهِمْ وأسْوَدِهِمْ من العرب والعجم وسائر الأمم، وقيل: معناه: كافًّا للناس تَكُفُّهُمْ عما هم عليه من الكفر وتدعوهم إلى الإسلام.

وقيل (١): معنى {كَافَّةً لِلنَّاسِ}؛ أي: إلى الناس كافةً، يعنِي: جامعًا لَهُمْ في الإنذار، أو كافًّا لَهُمْ عن الشِّرك، وهو منصوب على الحال، والْهاء فيه للمبالغة (٢)، وقوله: {بَشِيرًا} يعني: بالجنة لِمَنْ أطاعه {وَنَذِيرًا} بالنار لِمَنْ عصاه، وهما منصوبان على الحال.

فصْلٌ

عن ابن عبّاسٍ رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُعْطِيتُ خَمْسًا -ولا أقُولُ فَخْرًا-: بُعِثْتُ إلى الأحمر والأسود، وجُعِلَتْ لِيَ الأرضُ مسجدًا وطهورًا، وأُحِلَّ لِيَ المغنمُ ولَمْ يُحَلَّ لأحدٍ كان قبلي، ونُصِرْتُ بالرعب فخافني العدوُّ من مسيرة شهرٍ، وأُعْطِيتُ الشَّفاعةَ فادَّخَرْتُها لأُمَّتِي يوم القيامة، وهي -إن شاء اللَّه- نائلةٌ من لا يشرك باللَّه شيئًا" (٣).


(١) وعلى هذا ففي الكلام تقديم وتأخير كما قال ابن الجوزي في زاد المسير ٦/ ٤٥٦، وينظر أيضًا: تفسير القرطبي ١٤/ ٣٠٠.
(٢) فالهاء فيه مثلها في عَلّامةٍ ونَسّابةٍ وراوِيةٍ، وصاحب الحال هو الكاف في قوله: "أرْسَلْناكَ"، وقيل: هو حال من "الناس"، قال العكبري: "إلا أنه ضعيف عند المتأخرين؛ لأن صاحب الحال مجرور، ويضعف هنا من وجه آخر، وذاك أن اللام على هذا تكون بمعنى "إلَى"". التبيان ص ١٠٦٩، وينظر: كشف المشكلات ٢/ ٢٣٩.
(٣) رواه الإمام أحمد في المسند ١/ ٢٥٠، ٣٠١، ٣/ ٣٠٤، ٤/ ٤١٦، ٥/ ١٤٨، ١٦١، والدارمي في سننه ٢/ ٢٢٤ كتاب السِّيَرِ: باب "الغنيمة لا تُحَلُّ لأحد قبلنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>