للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَحَلُّ "ما" خَفْضٌ، رَدًّا على "ما" التي فِي قوله: {فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} (١)، مجازه: ولكن فيما تعمدت قلوبكم، {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا} لِما كان من قولكم قبل النهي {رَحِيمًا (٥)} بكم لا يؤاخذكم به.

نزلت هذه الآية فِي زيد بن حارثة الكلبي من بني عَبْدِ ودٍّ، وكان عبدًا للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اشتراه بعكاظ من سَبْي الجاهلية، فأعتقه وتَبَنّاهُ قبل الوحي، وكان يُدْعَى زيد بن محمدٍ، فلما تزوَّج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- زينب بنت جحش الأسدي، وكانت تحت زيد بن حارثة، قالت اليهود والمنافقون: تزوج محمدٌ امرأة ابنه، وهو ينهى الناس عنها، فأنزل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هذه الآية (٢).

[فصل]

رُوِيَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ دُعِيَ إلى غير أبيه أو غيرِ موالي نعمته، فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين" (٣).

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ}، ولَمْ يقل: ونُوحٍ؛ لأن المظهر إذا عطف على المضمر المخفوض أُعِيدَ الحرفُ، تقول: مررت به وبزيدٍ.


(١) قاله الفراء والزجاج، ينظر: معانِي القرآن ٢/ ٣٣٥، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢١٥، وقال النحاس: "ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ، والتقدير: ولكن الذي تؤاخذون به ما تعمدت قلوبكم". إعراب القرآن ٣/ ٣٠٣.
(٢) ينظر: الكشف والبيان ٨/ ٧، أسباب النزول للواحدي ص ٢٣٧، زاد المسير ٦/ ٣٥١، تفسير القرطبي ١٤/ ١١٨ - ١١٩.
(٣) هذا جزء من حديث رواه الإمام أحمد في المسند ١/ ٨١، ٣٢٨، ٤/ ١٨٦، ١٨٧، ٤/ ٢٣٨، ٢٣٩، ٥/ ٢٦٧، ورواه مسلمٌ في صحيحه ٤/ ١١٥ كتاب الحج: باب فضل المدينة، ٤/ ٢١٧ كتاب العتق: باب فضل العتق.

<<  <  ج: ص:  >  >>