للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَإِبْرَاهِيمَ} عَطْفُ مُظْهَرٍ على مُظْهَرٍ، فلم يُعَدِ الحرفُ (١)، وكذلك {وَمُوسَى وَعِيسَى}، والمعنى على مذهب أهل اللغة: وإذْ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومن نوحِ وإبراهيم وموسى وعيسى ومنك، ومثله قوله تعالى: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} (٢)، فمحمدٌ الحبيبُ، ونوحٌ الشَّكُورُ، وإبراهيم الخليل، وموسى الكليم، وعيسى الرُّوحُ -عليهم السلام-، أخَذَ اللَّهُ عليهم الميثاقَ أن يُؤَدُّوا رسالاتِ رَبِّهِمْ، ويَعْبُدُوا اللَّهَ، ويَدْعُو إلى عبادته، وأنْ يُصَدِّقَ بعضُهم بعضًا، وأن ينصحوا لقومهم، وذلك قوله تعالى: {وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧)} يعني: عهدًا شديدًا مؤكَّدًا، وهو العهد الذي أُخِذَ عليهم على الوفاء بما حُمِّلُوا، وذلك العهد الشديد هو إليمين باللَّه تعالى، فكل نَبِيٍّ بعثه اللَّه تعالى صَدَّقَ من كان قبله ومَنْ بَعْدَهُ من الأنبياء، وذلك قوله تعالى: {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ (٨)} يعني النبيين، هل بلغوا الرسالة أم لا؟ وإنما خص هؤلاء الخمسة بالذِّكر فِي هذه الآية؛ لأنهم أصحاب الشرائع والكتب، وأولو العزم من الرسل وأئمة الأمم.

قوله تعالى: {إِذْ جَاءَتْكُمْ} يعني الأحزاب {مِنْ فَوْقِكُمْ} يعني: من فوق الوادي من قِبَلِ المشرق: مالكُ بن عوف (٣) وعُيَيْنةُ بن حِصْنٍ (٤) وغطفان وقريظة


(١) من أول قوله: "ولم يقل: ونوحٍ لأن المظهر". قاله النحاس في إعراب القرآن ٣/ ٣٠٤.
(٢) آل عمران ٤٣، وهذا قول الزجاج، ومعناه أن في الكلام تقديمًا وتأخيرًا، انظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢١٧.
(٣) مالك بن عوف بن سعد بن ربيعة النصري، من هوازن، كان رئيس المشركين يوم حنين، ثم أسلم، وكان من المؤلفة قلوبهم، وشهد القادسيةَ وفَتْحَ دمشق، توفَّي سنة (٢٠ هـ). [أسد الغابة ٤/ ٢٨٩، الأعلام ٥/ ٢٦٤].
(٤) عُيَيْنةُ بن حصن بن حذيفة الفزاري، أسلم قبل الفتح وشهده، وكان من المؤلفة قلوبهم، =

<<  <  ج: ص:  >  >>