للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا} أي: أحضرناها، قَرأَ أهلُ المدينة المثقالَ بالرَّفع (١)، بمعنى: وإنْ وَقَعَ، وحينئذٍ لا خَبَرَ لها (٢)، وقَرأَ الباقون بالنَّصب على معنى: وإن كان ذلك الشيءُ مِثْقالَ حبةٍ، يعني: العمل، وقيل: الظُّلَامة، ومثله في سورة لقمان (٣).

قوله: {وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}؛ أي: مُحاسِبين وكافِيَن ومُطالِبين ومُجازِين وشاهدين ومُحصِين، والحَسْبُ معناه: العَدُّ، وقال ابن عباس: عالِمينَ حافظين، وذلك أن من حَسَبَ شيئًا عَلِمَهُ وحَفِظَهُ، وهو منصوبٌ على الحال أو التمييز (٤).

[فصل]

عن حُذَيفةَ بن اليمان، قال: إنّ جِبريلَ -عليه السّلام- صاحبُ الميزان يوم القيامة، يقول له ربُّه: زِنْ بينَهم، ورُدَّ من بعضهم على بعض -ولا ذَهَبٌ يومئذٍ ولا فِضّةٌ- فيَرُدُّ على المظلوم من الظالم ما وَجَدَ له من حسناتٍ، فإن لم تكن له حسنةٌ أَخَذَ من سيئاتِ المظلوم فيَرُدُّ على الظالم، فيرجع وعليه مثلُ الجبال (٥).


(١) هذه قراءة نافع وأبِي جعفر وزيد بن عَلِيٍّ وشيبةَ، ينظر: السبعة ص ٤٢٩، تفسير القرطبي ١١/ ٢٩٤، البحر المحيط ٦/ ٢٩٤، إتحاف فضلاء البشر ٢/ ٢٦٤، ٢٦٥.
(٢) لأنها تامة، ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٩٤، البحر المحيط ٦/ ٢٩٤.
(٣) يشير إلى قوله تعالى: {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} [لقمان: ١٦]، فقد قرأ نافع وأبو جعفر والأعرج برفع المثقال، وقرأ الباقون بالنصب، ينظر: السبعة لابن مجاهد ص ٥١٣، البحر المحيط ٧/ ١٨٢، إتحاف فضلاء البشر ٢/ ٣٦٢. وانظر ما يأتي ص ٢/ ٥٨ من هذا الكتاب.
(٤) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٩٤، وقال أبو حيان: "والظاهر أن {حَاسِبِينَ}: تَمييزٌ لِقَبُولِهِ: "مِنْ"، ويجوز أن يكون حالًا"، البحر المحيط ٦/ ٢٩٥.
(٥) رواه ابن الجوزي في زاد المسير ٣/ ١٧١، وينظر: القرطبي ٧/ ١٦٧، ١١/ ٢٩٣، فتح الباري ١١/ ٣٤٤، ١٣/ ٤٥٠، الدر المنثور ٣/ ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>